فهد بن جليد
من القصص الجميلة التي تُروى أن أحد الأثرياء في أمريكا الشمالية، كان يتنكَّر بين فترة وأخرى في شوارع مدينته (بزي مشرَّد) ينتظر مساعدة المارة، وكل شخص يقوم بالتبرع له أو يشفق عليه، يتفاجأ بحصوله على هدية قيِّمة (ساعة، قسيمة عشاء في مطعم فاخر, مبلغ مالي ... إلخ) والهدف هو مكافأة من يتعاطفون مع هذه الفئة لنشر السعادة في الأرجاء بين الناس من أجل الالتفات للطبقات (الكادحة) في المجتمع!
هناك قصص أخرى مُشابهة في أكثر من بلد وثقافة، تذكَّرتها وأنا أشاهد صور أطقم الذهب تنهال على عامل النظافة المُسن الذي كان ينظر إلى (محل الذهب) بعد أن تعاطف معه (الفزَّاعة) في مجتمعنا إثر سخرية أحد مراهقي وسائل التواصل الاجتماعي منه، وأنا هنا أشكر كل من هبَّ لتقديم هدية تعويضية (للعامل الآسيوي) الذي لم يكن يعلم بالسخرية أصلاً، وتفاجأ بتبدل حال الناس من حوله مع كثرة الفلاشات وكأنّه نجم سطع فجأة، وهنا يجب أن نحمد الله أولاً على وجود هذا الكم من المُحسنين في مجتمعنا، وإن كنت على يقين بأن أضعافهم يتمنى الوصول لهذا الرجل تحديداً ومُساعدته رغم وجود المئات من المستحقين حولهم وبالقرب منهم..؟!
لنسأل أنفسنا بشفافية: هل قمنا بمساعدة هذا العامل لأنه يستحق المساعدة فعلاً؟ أم أننا انتصرنا له وتعاطفنا معه نتيجة السخرية منه؟ مع بحث البعض عن (الشو) والخروج بمظهر (الرافض) لتصرف الشاب الساخر؟!
الشاب الساخر أرجو أن يغفر الله له زلته وسخريته، وأن يكتب له أجر ما حصل عليه هذا العامل من عطايا وهبات، وأنا مُتأكد لو أن العامل وجد الشاب (مرة أخرى) لقبَّل رأسه شاكراً له على لفت الانتباه إليه، رغم السنين التي يبدو أنه قضاها بيننا كأي عامل آخر يكفيه النظر إلى بذخ بعضنا وإسرافهم دون إعارة مَن هم على شاكلته أي اهتمام!
لنجعل من هذه القصة نقطة تحول جديدة لعلاقتنا مع المحتاجين في مجتمعنا، حتى لا نكون مجرَّد (ردة فعل) باهته تفتر بعد يوم أو يومين في انتظار قصة جديدة ومحرك آخر يقودنا لفعل (خير مؤقت)، فما زال بيننا عيون تنظر بحسرة وعجز إلى ما هو أقل من (طقم ذهب)، ولا تستطيع نيل وتحقيق ما تحتاج إليه، ولكن حظها العاثر أن أحداً لم يسخر منها حتى الآن..!.
وعلى دروب الخير نلتقي.