بين التاريخ والحاضر جسرٌ لا يراه سوى الأوفياء، وتبني الشعوب عادة هذا الجسر بوعيها الذي تدرك من خلاله أن عليها الإبقاء على هذا الجسر ممتداً مهما تعاقبت الأزمان.
وبيننا وبين المملكة العربية السعودية روابط لا يمكن حصرها في سطور، فنحن بيت جغرافي واحد، له بساط مشترك نسيجه من تراث وثقافة وعادات متجانسة، تناقلتها الأجيال حتى أصبحت عُراه وثيقة، تحكمها أعراف أخلاقية شديدة الوثاق.
وحين نتحدث عن الزيارة السامية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله، إلينا، فنحن لا نتحدث عن ضيف، بل عن شقيق يزور أشقاءه في الشطر المجاور من الدار.
إن الحفاوة التي يحظى بها الملك سلمان بن عبدالعزيز في الكويت تُعدّ نادرة، لسببين؛ الأول أنها مزيج من تقدير سياسي وترحيب شعبي تتفق فيه السلطة والشعب على حبّ هذه الشخصية المتميزة.
والسبب الثاني، أن ذاكرة العرفان ستظل تحتفظ بموقفه النبيل حين كان أميراً لمنطقة الرياض التي أشرع أبوابها عام 1990 للكويتيين في أثناء عهد المغفور له بإذن الله الملك فهد بن عبدالعزيز، يومها لم يكن ينقصنا سوى وطننا المحتل، وعلى الرغم من أن الأوطان لا تعوّض، إلا أن الملك سلمان عوّضنا معنوياً وروحياً عن الغربة على أقل تقدير، ولا ننسى تعرض المملكة العربية السعودية للخطر من أجلنا، ولكنها لم تشعرنا يوماً أن الذي قدمته أكثر من واجب تلقائي بين شقيقين؛ أحدهما تعرض لأزمة، فقام الثاني بواجبه العائلي.
الأكيد أن الملك سلمان حفظه الله يستشعر صدق هذه اللهفة التي اتّـقدت في قلوب أهله الكويتيين، فهي مشاعر ليست آنية ولا تؤطّرها بروتوكولات رسمية، بل إن أهل الكويت يكنّون مودة خاصة للملك سلمان، ومعظمنا يشعر بأن له علاقة شخصية معه، ولذلك ما أن سمع الكويتيون بخبر الزيارة حتى غمرتهم السعادة، وبدأ معظمهم يعد نفسه للاستقبال ببهجة تشبه لحظات العيد.
شعرنا، ونحن نتهيأ لاستقبال الملك سلمان وكأنه سيزور بيوتنا، الشعور نفسه الذي تنتظر فيه الأسر شخصاً عزيزاً سيصل بعد حين، فتطل من النافذة بين لحظة وأخرى مستعجلةً وصوله.
لن نقدم جديداً إن كتبنا عن إنجازات الملك سلمان بن عبدالعزيز وعن حنكته السياسية وموقعه المتقدم بين زعماء العالم وكلمته «الحاسمة» في إحقاق الحق، فهي أمور جلية يعرفها الجميع ويشاهدها يومياً على أرض الواقع، لذلك آثرت أن أصور بهذه الكلمات ما لا تراه العين، ألا وهي المشاعر التي تختلج في الوجدان والقلوب.
سعاد عبدالله العتيقي - الكويت