«الجزيرة» - محمد السنيد:
يصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- اليوم الخميس إلى دولة الكويت الشقيقة في زيارة رسمية يجري خلالها مباحثات مع أخيه صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الذي سيكون على رأس مستقبلي خادم الحرمين الشريفين في مطار الكويت.. مختتماً - حفظه الله- زياراته الخليجية التي بدأت بدولة الإمارات ثم دولة قطر ثم مملكة البحرين.
واستعدت دولة الكويت الشقيقة حكومةً وشعباً لاستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله-. حيث تزينت الطرق والميادين والمنازل بالأعلام السعودية والكويتية وصور قيادتي البلدين.
وتجسد هذه الزيارة المرتقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى دولة الكويت عمق العلاقات الأخوية "التاريخية" ومتانة الترابط الشعبي بين البلدين وما يجمعهما من مصير مشترك يمتد تاريخه إلى قرون عدة من الزمن.
ويلتقي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - خلال زيارته الأخوية إلى دولة الكويت سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الأحمد الصباح - حفظه الله ورعاه-.
وتأتي زيارة الملك سلمان في إطار العلاقات الأخوية الضاربة في أعماق التاريخ والجغرافيا بين البلدين واستمراراً للتشاور وتبادل الرؤى خصوصاً في ظل الظروف التي تواجه الأمة العربية والإسلامية بما يجنب المنطقة المخاطر ويحقق مصالح شعوب المنطقة العربية.
ويشير المؤرّخون إلى أن بداية حكم آل الصباح تقترب من بداية قيام الدولة السعودية الأولى، حيث تجمعهما علاقات وثيقة وصلات راسخة وتاريخ مشترك صنعه الآباء والأجداد وحافظ عليه الأبناء.
وتزداد هذه العلاقات مع مرور الزمن ثباتاً وقوة تسمو بالتلاقي بين الدولتين إلى مستوى التآخي الذي تصبح فيه القيادتان والشعبان أسرة واحدة يجمع بينهما ماض عريق وحاضر مجيد ومستقبل مشرق.
وتعود أول اتفاقية وقّعها البلدان إلى الثاني من ديسمبر عام 1922 والتي تمت في العقير لترسيم الحدود بين الكويت ونجد ومن ثم جرى اعتراف المملكة العربية السعودية بالكويت عقب توقيع وثيقة الاستقلال عن بريطانيا وفي أول يوم من أيام الاستقلال.
وكانت هناك منطقة سعودية كويتية محايدة، ومع اكتشاف النفط اتفق البلدان على تقسيم الأراضي وتوصلا إلى اتفاق في عام 1969 بهذا الشأن.
وشهدت العلاقات الكويتية السعودية تطورات كبيرة في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والإعلامية ومنها على سبيل المثال اتفاقية تسهيل دخول وخروج السيارات بين البلدين والموقّعة في 10 يناير عام 1971 .
كما شمل التعاون جميع المجالات الأمر الذي كانت إحدى ثماره قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 25 مايو عام 1981 والذي حقق للخليجيين الكثير من الإنجازات نحو مستقبل مشرق تتحقق فيه آمالهم وطموحاتهم.
ولعل الموقف السعودي المساند للكويت والمدافع عن شرعيتها واستقلالها ظهر في أبهى صوره أثناء الغزو العراقي عام 1990 ورفض المملكة لهذا الاحتلال واستقبالها لرمز الكويت والقيادة السياسية والحكومة وللشعب على أراضيها وتقديم المساعدة بكل أشكالها والمشاركة في تحالف الدول المشاركة بتحرير الكويت من الاحتلال العراقي.
ووقفت المملكة العربية السعودية وقفة الأخ والجار الوفي عام 1990 وسارع خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز آل سعود إلى رفع حالة الطوارئ لدى القوات السعودية وتشكيل قيادة للقوات المشتركة ومسرح للعمليات برئاسة الفريق الركن الأمير خالد بن سلطان مما كان لها دور كبير في تحرير دولة الكويت عام 1991 .
ولن تنسى الكويت موقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي كان حينها أميراً لمنطقة الرياض وكان خير نصير للقضية الكويتية بترؤسه اللجنة السعودية لتقديم العون والإيواء للمواطنين الكويتيين.
كما وقّعت الكويت والسعودية اتفاقيات عدة في مجالات الإعلام والثقافة والاقتصاد وخدمات النقل الجوي إضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الشؤون الإسلامية والأوقاف.
وانعكست تلك الاتفاقيات إيجاباً على الشعبين الشقيقين من خلال المنح الدراسية التي تخصصها المملكة للطلبة الكويتيين سنوياً في عدد من الجامعات السعودية إضافة إلى التبادل الثقافي والمشاركة في المعارض والمهرجانات التي تُقام في البلدين.
وفي المجال الاقتصادي اتسمت سياسة البلدين النفطية بالتوافق الأمر الذي أدى إلى نوع من الاستقرار في الأسواق النفطية باعتبارهما من أكبر المنتجين في العالم.
كما أن الاتفاقيات الاقتصادية الموقّعة بين البلدين ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي أدت إلى نمو ورواج حركة الواردات بينهما بمعدلات شبه مستقرة.
ويمثّل المستثمرون الكويتيون في القطاع العقاري السعودي النسبة الأعلى بين المستثمرين الخليجيين خصوصاً في قطاع العقارات الفندقية والمكاتب التجارية والتجزئة.
ولا شك أن كلا البلدين الشقيقين بما يملكانه من مقومات سياسية أو اقتصادية كبيرة وروابط اجتماعية متميزة كان لها أكبر الأثر في خدمة القضايا المصيرية للأمتين العربية والإسلامية إلى جانب الإسهام بكل فاعلية في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
وأخيراً فإنه من الصعوبة بمكان الإلمام أو حصر ما يجمع الكويت والسعودية من روابط الأخوة الحقة والعلاقات المتميزة في جوانب محددة لأنه يعني علاقة الشقيق بشقيقه تزداد أصالة سنة تلو أخرى حتى أضحت نموذجاً يحتذى سطرته القيادة الحكيمة في البلدين الشقيقين عبر مسيرة حافلة بالعطاء والحكمة والعمل المشترك.