«الجزيرة» - حسين أبو السباع:
انسجامًا مع القيم العليا في الإسلام والمُثُل الإنسانية السامية، ودورها الأصيل في ترسيخ ثقافة السلام وتعزيز قيم التسامح والحوار، يعقد «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» ملتقاه السنوي الثالث يومَيْ الأحد والاثنين (18 و19 ديسمبر/ كانون الأول 2016) في أبوظبي، برعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، ورئاسة الشيخ عبدالله بن بيه، ومشاركة ما يزيد على 400 شخصية من العلماء والمفكرين العرب والمسلمين على مستوى العالم.
ويستأنف المنتدى في دورته الجديدة جهود البحث، وتأصيل ثقافة التلاقي والتعارف الكامنة في روح الإسلام منذ فجره الأول، انطلاقًا من غايته الجليلة في السعي الدؤوب لإطفاء الحرائق المتأججة في جسد الأمة، وتجنيبها المزيد من التمزق والخراب المادي والمعنوي، وذلك من خلال تنشئة جيل جديد، يتبنى أولوية السلم، ويعمل من أجل تحقيقه وترسيخه؛ بوصفه الخيار الوحيد لتدبير الاختلاف والتدافع والتغيير.
وقد انطلق المنتدى في ملتقاه الأول من الدعوة إلى إعلان الحرب على الحرب؛ لتكون النتيجة سلمًا على سلم. وسعى في الملتقى الثاني إلى إعادة برمجة الأولويات، وتأهيل العقول، وتدريب النفوس على إدراك محورية السلم في ديننا وشريعتنا وتراثنا الإسلامي المستنير؛ لمواجهة الخطر الراهن المحدق بالمجتمعات المسلمة، وهو خطر ليس فقط يأباه ديننا وتجرمه شريعتنا فحسب، وإنما هو خارج عن نطاق العقل، وينافي القيم الدينية والأخلاقية والمفاهيم الإنسانية بكل مستوياتها، كما يقول العلامة ابن بيه.
ويواصل المنتدى في ملتقاه الثالث البحث في المخاطر التي تعصف بالأمة الإسلامية، وإمكانية وضع حد للنزيف الذي يهدد مستقبلها. ويعمل على توضيح العلاقة بين مفهوم الدولة الوطنية المعاصرة، ومفهوم الدولة في نصوص وتاريخ الإسلام، وذلك في ظل ما عرفته المنطقة من تذرع وتوسل بمفهوم الدولة؛ لاستباحة الحرمات، والحط من شأن الإنسان، والتآمر على الأوطان باسم الدين.
ويحرص العلماء والمفكرون المشاركون في الملتقى الثالث على إيجاد المخرجات السلمية؛ لدرء المخاطر المحدقة بالأمة الإسلامية، وانعكاسات هذه المخاطر على مناطق مختلفة من العالم. هذا إلى جانب السعي الحثيث لإيجاد تيار سلام قوي في المجتمعات المسلمة، يناهض تيار العنف والغلو والتطرف.
وأعربت اللجنة التحضيرية للمنتدى عن أملها بأن يكون الملتقى الثالث فرصة جديدة لتبادل الرأي بين العلماء، والمفكرين، والباحثين، والخبراء، والشباب.. وتقديم رؤى وبدائل ومشاريع، تسهم في التأصيل لثقافة السلم في الأوساط العلمية والمؤسسات البحثية وتعميمها كقيم وسلوك على المجتمعات المسلمة.
وكان المنتدى قد انطلق عام 2014 بمبادرة من العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، وبرعاية من دولة الإمارات العربية المتحدة.
واستقطب المنتدى في دورتيه الماضيتين مئات العلماء والمفكرين، وحقق نجاحًا كبيرًا، سواء على مستوى الحضور النوعي، أو على مستوى المنجز العلمي في تعزيز ثقافة السلم؛ ما لفت انتباه المفكرين وصناع القرار في العالمين الإسلامي والغربي لأهميته، وجعله محل تقدير لدى هيئات دولية عدة.