مهدي العبار العنزي
عرف العرب فضيلة الكرم منذ أقدم العصور واعتبروا أن هذه الفضيلة من أرقى ضروب الإنفاق الخيّر وقد حفظ التاريخ للكرماء مكانتهم وخلد أسماءهم ولم يستطع النسيان بأستاره الكثيفة حجب أخبار هؤلاء عن أعين الأجيال جيلاً بعد جيل، والإسلام بسماحته لم يهمل جانب الكرم ووضع له أنماطاً وبواعث وغايات وأصولاً وآداباً تكرس مفهوم الواجبات المتعددة ومنها على سبيل المثال لا الحصر الإنفاق والإيثار والصدقة والمساعدة، وبين الإسلام أهمية إكرام الضيف واعتبره واجباً شرعياً وأخلاقياً يُلزم بموجبه المضيّف أن للضيف عليه حقاً يأخذه أخذاً إذا تقاعس ذلك المضيّف عن إكرامه! وإذا اتفقنا على أن قيمة البذل تكمن في رضا الله والفوز في ثوابه ومساعدة المحتاج وإغاثة الملهوف ومد يد العون للأرامل والأيتام والمعسرين وأصحاب الحاجات بدون منٍ أو أذى أو التكبر على المستفيدين. فإننا نتفق تماماً أن هذه الأعمال الجليلة هي من القيم المتمثلة في فضيلة الكرم الذي أوصانا به سيد البشرية نبي الرحمة والهدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه أكرم خلق الله خلقاً وبذلاً وعطاء، نعم في عصرنا هذا هناك الكثير من الكرماء الذين وهبهم الله هذه الموهبة وبالمقابل هناك من يمارسون مهنة الكرم المزيف الذي يتنافى تماماً مع الكرم الحقيقي هؤلاء يعتقدون أن أعمالهم تلك تهدف إلى الحفاظ على اسم ومكانة القبيلة أو شرفها أو علو ذكرها ولم يعلموا أن هذا عمل الهدف منه حب الشهرة وطلب المديح والهياط والتعصب الأعمى وأن ذلك عمل محبط وعديم القيمة وأنه التسلق على أكتاف البسطاء لأن بعض من يمارسون مهنة الكرم المزيف وبكل أسف استقلوا نقاط ضعف لدى كثيرٍ من الناس وأخذوا أموالهم بحجة التجارة والمكاسب المادية التي أصبحت فيما بعد سراباً وذهبت أموال البسطاء دون رجعة.
ولم يجدوا من ينقذهم من هؤلاء الكرماء! الذين لا تتفق أعمالهم مع الكرم الحقيقي.
بل إن للنصب والاحتيال وأخذ أموال الناس بغير حق الدور المهم في تصرفاتهم ضد أناس من أبناء جلدتهم صدقوهم ووثقوا بهم ولم يكونوا على قدر الثقة، وليعلم هؤلاء أن التاريخ لن يخلد أسماءهم مثلما خلد كعب بن أمامة الأيادي وهرم بن سنان النمري وحاتم الطائي حتى لو ملكوا الملايين من أتعاب الآخرين بل سيذكرهم بأنهم خانوا أماناتهم واستخدموا وسيلة التحايل على الناس ولكن الله بالمرصاد وهو القادر على إنصاف أهل الحقوق.