أحمد محمد الطويان
الخليج كبير بتاريخه ووحدته وثقافته الثرية.. ليس لأني من أبناء الخليج، ولكن اليوم يشعر جيل التعاون وهو جيل لم يعرف نفسه إلا والخليج الواحد جزء من ثقافته وحياته ومستقبله بأنه ليس مجرد حقيقة نعيشها، بل كوّن الخليج هوية مرتبطة بمجلس التعاون، ولا يمكن الانفصال عن هذه الهوية.. هذا الخليج كان مكاناً على الخارطة، وبإرادة قادة الدول الست تحول إلى مكانة في السياسة والاقتصاد، وما كان سيتحقق ذلك لو لم يعمل القادة الخليجيون على تأكيد وترسيخ المشتركات الكبيرة والكثيرة.
جاءت قمة المنامة بعد 38 قمة عادية واستثنائية منذ تأسيس المجلس، وفي منتصف جولة خليجية ناجحة قام بها كبير الخليج الملك سلمان بن عبدالعزيز، لتتأكد نجاحات هذا الكيان بعلاقات ثنائية متميزة تربط الدولة الكبرى بشقيقاتها، ولكل دولة تأثير وثقل وأهمية، تتكامل مع قوة السعودية وحضورها الدولي الفعَّال، ومن هنا يتأكد لنا أن الخليج كبير بالسياسة ومؤثِّر في الجغرافيا ورقم صعب في الاقتصاد.. ولأن الظروف الأمنية والاقتصادية المحيطة بالخليج مستعرة يقف القادة الخليجيون بحزم ضد مهددات استقرار المنطقة، بقرارات جادة وضعت الإنسان على رأس الأولويات، وهذا هو الخليج الذي واجه الأزمات الكثيرة بثبات وواجه مستجدات الاقتصاد بحراك رشيق يناسب كل مرحلة من المراحل.
الخليج في المنامة يؤكِّد أن اتحاده ليس في الشكل القانوني، وإنما بتلاقي القلوب ووحدة المواقف، وإن اختلفت الأدوات في السياسة فإن الأهداف واحدة، والتحديات سيواجهها الخليجيون معاً لأن انفراد أي من الدول بموقف مستقل سيهدِّد كل الدول الست. في اليمن وقف الخماسي الخليجي في قلب تحالف عربي مؤثِّر لمواجهة المتمردين والإرهابيين، ولحماية حدود الخليج الجنوبية، ومواجهة التهديد الإرهابي الإيراني بقرارات وإجراءات ذات أثر كبير ومؤثِّر، وهنا يظهر أن الخليج زادته الأزمات وئاماً ولم ينجح أي كيان أو دولة أو أشخاص في اختراقه أو الإضرار به.
هناك تاريخ هو أكبر بكثير من مجلس سياسي واقتصادي واجتماعي وأمني، تاريخ مئات السنين من الود والاحترام والعلاقات الأسرية والدم والثقافة.. هناك خليج آخر لا يظهر بالبروتكولات والتعاملات الديبلوماسية والسياسية، خليج أكثر بساطة، وأكثر صراحة وشجاع جداً في الدفاع عن عرضه وأرضه، ذلك الخليج يظهر عندما يلتقي الملوك والأمراء والشيوخ الخليجيون،، وعندما يجتمع الكبار وبجانب شقيقهم وكبيرهم وفخرهم الحكيم سلمان بن عبدالعزيز تتحقق الأحلام وتصان الأوطان.