د. محمد عبدالله العوين
يتطلع أبناء وشعوب منطقة الخليج والأمة العربية إلى البيان الختامي لمؤتمر قمة مجلس التعاون السابعة والثلاثين في المنامة الذي سيعلن اليوم الأربعاء 8 من ربيع الأول 1438هـ في الجلسة الختامية للقمة.
وأمام الأوضاع المضطربة التي تعيشها دول عربية عدة بعد فوضى الخريف العربي الساحق الماحق منذ مطلع عام 2011م وما نتج عنه من قلاقل وحروب ونشوء مليشيات وجماعات مختلفة الأهداف والغايات مزقت تلك الدول التي تعرضت لعاصفة وجحيم الفوضى؛ كما هو الحال في سوريا وليبيا والعراق واليمن، وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على استمرار وتصاعد سوء الأوضاع وترديها على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والمعيشية؛ فإن المنتظر من قمة المنامة وهي تمثّل أعلى صور التوافق والانسجام والتفاهم بين قادة وزعماء أنجح وأقوى تكتل سياسي في المنطقة العربية أن تصدر قرارات تخرج بأزمات المنطقة العربية إلى الانفراج التدريجي بإذن الله.
فاليمن اختطفتها مليشيا الحوثي ورمتها في الحضن الفارسي بعيداً عن أمتها العربية والإسلامية، وألغت أو توشك أن تلغي هويتها الدينية السليمة والعربية القحة بما يفرضه الانتماء الطائفي الضيق الأفق وما تطمح إليه إيران الخمينية من رغبات شريرة في تحويل اليمن إلى قاعدة فارسية للانطلاق منها إلى التأثير على بقية دول شبه الجزيرة العربية عسكرياً واقتصادياً وثقافياً وطائفياً.
ولولا أن عاصفة الحزم الباسلة والشجاعة أفشلت وأحبطت تلك الأهداف الإيرانية المضمرة في مليشيات الحوثي والمستترة تحت خطابها المتخلّف لرأينا اليمن كله في أيام تحت الهيمنة الإيرانية باسم الحوثيين وتحت لافتاتهم الغبية.
وما تمارسه جماعة الحوثي في المناطق السنية التي استعصت على الاستسلام لتعسفها كتعز مثلاً من تدمير للمدينة وحصار خانق على أهلها وقنص واختطاف وتعذيب واستهداف للمنشآت الطبية والتعليمية وغيرها لا يختلف عن الأساليب الوحشية العنصرية التي تمارسها العصابات الطائفية التي تقودها إيران وتدعمها وتضع لها الأهداف وخطة العمل في العراق وسوريا؛ ممن أطلقت عليهم "الحشد الشعبي" ومنحتهم مشروعية الانتهاك والقتل تحت لافتة محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي الذي أسس وكوّن من أجل تحقيق غايات كثيرة، لعل من أهمها أن يُتخذ وسيلة وشماعة لإبادة السنة وتهجيرهم وإعادة تشكيل سوريا والعراق ديموغرافياً.
وقد وقفت "عاصفة الحزم" أمام التغوّل الإيراني تحت غطاء طائفية مقيتة وحمت المنطقة العربية كلها من أن تخترق من جنوبها؛ ولعل الموقف الخليجي القوي والموحّد يخرج بقرارات تساعد على إخراج الشعبين اليمني والسوري من المحنة التي يعيشان فيها.
ويمثِّل مجلس التعاون لدول الخليج العربي أعلى وأجمل وأنجح صور الانسجام والتلاقي بين قادته - وفَّقهم الله - على ما يخدم ويعزِّز ويحمي مصالح وأمن ورخاء شعوب دول المنطقة ويسعى لخير الأمة العربية والإسلامية.
وبعد مسيرة سبعة وثلاثين عاماً من هذه التجربة الناجحة بين دوله؛ فإن المؤمل اليوم أن ينتقل التعاون إلى التكامل والاتحاد، بما يشمله مفهوم الاتحاد من رؤية شاملة ومتطابقة في الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية، وهي متحققة الآن بحمد الله؛ ولكن الحال المضطربة التي يعيشها عدد من دول المنطقة بسبب التدخلات الإيرانية السافرة فيها تفرض الانتقال إلى مزيد من آفاق التكامل بين دول المجلس.
وقد أنجزت دول مجلس التعاون التي نأمل بعد اليوم أن تُسمى دول الاتحاد الخليجي تجربة تنموية مبهرة، وحققت لمواطنيها الأمن والاستقرار، وسيعزّز الاتحاد من صلابة وقوة وثقة دول المجلس على حماية مصالح شعوبها من كل المخاطر المحتملة.
وفَّق الله قادتنا إلى مزيد من سحائب الخير لأبناء دول المجلس وللأمة العربية والإسلامية.