سعد بن عبدالقادر القويعي
ما يجري في حلب هذه الأيام، هو حسم لمعركة مصيرية، إذ تعد معركة حلب آخر المعارك الكبرى في سوريا، نتائجها حسم تقريبي للأزمة كاملة، - خصوصاً - بعد أن أفرزت تلك المعركة، التي تقودها قوى تحالف النظام المستأسد على شعبه، مع روسيا، وإيران؛ فضاء مشحوناً إلى درجة الإشباع بالعنف، والتطرف، والكراهية، والتدمير الفظيع للإنسان، ومنجزاته الحضارية، فالكلّ مدرك أن وجود الأسد، يعني استمرار الحرب.
الهجمة الشرسة التي تطال حلب سترسم الآفاق الأولية لملامح - جغرافيا سياسية - جديدة، وذلك من خلال الانهيار الكبير لمدينة حلب، ومن ثم ترحيل سكانها عنوة، والذي سيكون هو العنوان الكبير على مخطط تدمير سوريا؛ انطلاقًا من تقسيم هذه المدينة الشهباء، وهو ما أسماه - الرئيس الأمريكي - باراك أوباما، وراثة الرابح لبلد مدمّر، وسط حرب عصابات، واستنزاف، وظهور تنظيم داعش الإرهابي أشدّ تطرّفا، وخطورة.
في المعارك الفاصلة، لا يجوز التهاون بأدنى التفاصيل؛ ولأن حلب تعيش في إعصار لعبة الأمم، فإن حسم الأزمة السورية، ورسم ملامح المرحلة القادمة، يتزامن مع ما تتعرض له مدينة حلب لفصل من فصول حرب الإبادة، ومن هنا تأتي أهمية الحسم لكلّ أطراف الصراع، وحدّة النزاع الدامي؛ للسيطرة عليها. وخلافا لقول كلاوز فيتز: «إن الحرب، هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى»، فإن الوضع السوري شاهد على استمرار الحرب، ولكن بوسائل أخرى.
حلب تباد وبشكل علني، وهي تدفن في ترابها، وبين آثارها تاريخ البشرية جمعاء، بينما يتأرجح العالم في فن صناعة الفبركات الإعلامية الكاذبة، ودعم أيقونة الإرهاب، إلى التعبير الكاذب عن الخشية على مصير المدنيين، وقد بدأت تظهر نذر التشاؤم، والإحباط من تداعيات هذه المعركة؛ لأن الغائب هو التفاوض الحقيقي على تسوية سياسية.