أمل بنت فهد
في وداع مدير قديم.. واستقبال مدير جديد.. يحدث الكثير وفي ذات الوقت لا يحدث جديد.. نفس السيناريو ونفس القصة.
يرحل المدير القديم بكل مصائبه.. وكوارثه الإدارية والمالية والأخلاقية.. كأنه عبء تم إزاحته على عجلٍ دون محاسبة.. دون السؤال عن الوعود التي لم يفِ بها.. دون تدقيق في تاريخه إن كان مشرفاً أم عاراً تم التكتم عليه.. يرحل وكل ما عليه أن يسلم عهدته الورقية والتكنلوجية والأثاث.. المهم أن لا يضيع كرسياً ولا طاولة!
ويستلم المدير الجديد تركة متداعية.. ويستقبل بالحفاوة والترحيب.. مع أحلام كبار وأمنيات أن يكون خير خلف «لأسوأ» سلف.. ويستلم ما تم حصره من عهدة بكل ما فيها أسرار غير معلنة.. تحكي الكثير عن مدة مرت دون إنجاز يستحق أن يسمى إنجازاً وتغييراً.
المدير الجديد يدخل الملعب وهو لا يعرف قواعد اللعبة.. ولا يعرف أفراد الفريق.. ولا يعرف أي شيء عن تاريخ المنشأة التي سيكون هو مديرها.. ورأس الهرم فيها.. يقذف به في معمعة الإدارة.. لأسباب كثيرة.. ليس فيها سبب واحد يؤهله للقيادة.. مثلاً الأقدمية.. المؤهل.. وخلال جلسة الترشيح التي لم تتجاوز الساعة.. بقدرة قادر يتم التأكد أنه الأنسب.. لأن المعايير أساساً لا شأن لها بمعنى القيادة!
وهكذا يضطر المدير الجديد أن يأخذ وضعية الفاهم العارف.. وهو في الحقيقة (يدربي راسه) بمعنى يحاول أن يصنع شيئاً من لا شيء.. بالصدفة.. والحظ!
لذا من الطبيعي أن تبقى تلك المنشأة التي تعيش بذات السياق بين التوديع والاستقبال حياة مختبرات التجارب العابثة.. تجارب الخلط دون معرفة المكونات.. هدر يعقبه هدر في محاولة لصناعة شيء!
ما ذكر أعلاه هو قصة الإدارة في المنشأة الحكومية.. أما في الخاصة الناجحة.. فالوضع مختلف تماماً.. وعكس ذلك كله.. ما إن تظهر ملامح القيادة على أحدهم يرصده ضوء البحث عن التميز.. ويمكنه أن يعيش قفزات مهنية بين المناصب لأنه رأس مالٍ يستحق الاستثمار.. مقياسك هو عملك.. موهبتك.. قدرتك على تحويل التراب إلى ذهب.. وليست شهادتك.. والحرف الذي يسبق اسمك.. بل قدراتك العقلية والبدنية هي أسلحتك التي تنافح بها.. معايير منطقية للوصول إلى الهدف المنشود.. أما هناك فالمعايير لا تلتقي مع الهدف.. بل كل منهم يسير في خط يوازي للآخر.. لذا لا عجب أن تمشي بعض المنشآت الحكومية مشي السلحفاة المعوقة.. كأن بطئها وحده لا يكفي!
لذا بصريح العبارة.. وبكل شفافية.. القائد هو من يستطيع أن يحدث فرقاً.. ومصانع القادة لا تعترف بمعايير أكل الدهر عليها وشرب وأثبتت فشلها مرة بعد مرة.. البحث عن القائد مثل البحث عن كنز الكنوز.. والكنوز غالباً ليست مشاعة إنما تحتاج عناء.. أما إن بقي الحال كما هو عليه.. فالواقع أن الفساد لن ينتهي.. والتقصير لن يختفي.. والفجوة لن تصغر.. بل تزيد وتزيد.. ولسوف يتسرب القادة منها إلى مكان يفهم معنى الاستثمار في العقول وليس الشهادات والمسميات.. فمن يستطيع أن يكسر القاعدة؟