رجاء العتيبي
رغم مرور 10 على أحداث مسرحية وسطي بلا وسطية التي عرضت في جامعة اليمامة العام 2006 م، إلا أنها ما زالت حاضرة في الأذهان، ويتأكد حضورها في الأصوات المتطرفة التي ترتفع في كل مكان، على مستوى الخطاب الديني والرياضي والسياسي.
المسرحية تقول: «أين أنتم أيها الوسطيون»؟ أين دوركم؟ لماذا صوتكم خافت؟ لماذا لا تتحركون؟ لماذا لا يكون لكم رأي؟ لماذا أنتم صامتون؟ لماذا المتطرف أكثر ثقة؟ في حين الوسطي متردد، لماذا المتطرف شديد وعنيف وقوي، في حين الوسطي يبحث عن السلامة والهدوء وراحة البال.
تطرح المسرحية هذه الأسئلة وسط أحداث درامية تقسم العالم إلى قسمين: إما متطرف ذات اليمين وإما متطرف ذات الشمال، فيما يضيع الصوت الوسطي بينهم رغم أنهم الأكثرية، أما ما يشاع عنها من سلبيات فليس سوى من اختراع الخصوم وفبركاتهم، وإلا فإنها عرضت في يوم الافتتاح بحضور رسمي لافت شاهدها الجميع كما هي، أما الشائعات فتم فبركتها في رسائل الجوال ومواقع الإنترنت، ويدحضها إجازة وزارة الثقافة والإعلام لها في معرض الكتاب الذي أقيم في نفس العام.
لا نعلم لماذا الناس الوسط بلا حراك فعلي، وهي معضلة قالتها المسرحية في نهايتها وتركت الإجابة لدى المجتمع، وأصحاب الشأن، قالت: إن الناس الوسط كثير، ولكنهم بلا تأثير وبلا قرار وبلا قوة.
المسرحية التي تطرح سؤال الوسطية بحرقة وألم وعمق، لم تسلم من المتطرفين، جاؤوها في يوم عرضها الثاني، فرادى وجماعات، في مهمة وصفوها بـ(غزوة اليمامة) وانقضوا على خشبة المسرح بعد دقائق من فتح الستار، تكسيراً وتهشيماً والتحموا بفريق التنظيم في عراك استمر لمدة 20 دقيقة قبل أن تنهي قوات الأمن الخاصة الاشتباك.
كان قدر مسرحية (وسطي بلا وسطية) أن تعاني من التطرف وهي التي تحث على الوسطية، وتدعو إلى كلمة سواء، لم تتحزب المسرحية لأحد، ولم تناصر فريقاً ضد فريق، ولكنها تحرض الناس الوسط على ترك (الكنبة) وقول كلمة الإنصاف لينهض بهم المجتمع، لأن الطرف أياً كان نوعه وشكله لا ينهض بأحد.
المسرحية بعد 10 سنوات من عرضها تحولت إلى فيلم عن طريق الزميل/ على الكلثمي في مهمة إخراجية أخرى باستخدام أدوات فنية غير الأدوات المسرحية، وكان عرضها الأول في 4 نوفمبر الماضي من هذا العام، في لوس أنجلوس ضمن مشروعات برنامج أرامكو لصناعة الأفلام. لم نشاهد الفيلم بعد، ولا نعلم كيف يمكن أن تكون المسرحية بعد تحويلها إلى فن آخر، ولكن الذي شاهدناه (نعل زبيرية) أخذت مساحة كبيرة من (بوستر) الفيلم، وتحت النعل مكتوب (وسطي).