د. محمد عبدالله العوين
نحمد الله تعالى على نعمه الجمة التي لا تعد ولا تحصى، وعلى ما أفاء به علينا من أمن وارف وخيرات تترى وثروات تتدفق وتأسيس بنية اقتصادية ضخمة منتجة للأجيال؛ ففي أسبوعين فقط من متابعة ما تضيفه القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - متعه الله بالصحة والعافية - إلى سجل الإنجازات العظيمة في البناء والتنمية لوطننا العزيز عمّت السعادة قلوب المواطنين جميعاً بافتتاح أو تأسيس صروح صناعية جديدة في الجزء الشرقي من الوطن، وكم كانت البهجة غامرة حينما رأينا عبر البث التلفزيوني المباشر أن الثروة التي حبانا الله بها من الذهب الأسود يتم استخراجها وإدارتها وتكريرها وتسويقها بأيدي أبناء الوطن، ومثل ذلك عشرات المصانع البتروكيماوية التي أصبحت المملكة في الصف الأول المتخصص في إنتاجها وتصديرها إلى مختلف الأسواق العالمية، وسواء كان ذلك في المدن كالظهران والجبيل ونحوهما أو كان في أعماق الربع الخالي الذي أصبح غير خال؛ بل معموراً بما يشبه مدينة صناعية ضاجة بالعمل والإنتاج وسط الرمال كما هو حقل «الشيبة» ووسط هذا الزخم التنموي العالي في الجزء الشرقي من الوطن يرابط مجاهدونا الأبطال على الحد الجنوبي لحماية الوطن من تدنيس المعتدين الحوثيين والعفاشيين، ويسطر مقاتلونا ببسالتهم وشجاعتهم صوراً نادرة من البطولة والتضحية لحماية كل ذرة من تراب الوطن العزيز، وهذه المعركة الباسلة التي تدور على حدنا الجنوبي تتزامن أيضاً مع معركة أخرى لوطن يبني ويشيد صروح النهضة ويؤسس لمستقبل اقتصادي يوفر الحياة الكريمة للأجيال القادمة، فيد باسلة تحمي وتقاتل في الجنوب وأيد عاملة تبني وتنجز في كافة أنحاء الوطن.
ويتزامن مع كل هذا العطاء التنموي الثر السخي والتنقّل بين محافل البهجة والزهو بافتتاح أو تأسيس مصنع أو مركز ثقافي عالمي أو مجمع سكني أو مدينة جامعية يتم أيضاً إصدار أوامر ملكية كريمة تجدد الطاقات وتحفز على مزيد من العمل المثمر والعطاء النافع للوطن؛ كالأمر الملكي بإعادة تشكيل هيئة كبار العلماء، والأمر الملكي بإعادة تشكيل مجلس الشورى لدورته السابعة.
وفي الجانب السياسي الذي يتزامن مع كل هذا العطاء المثمر للقيادة الحكيمة أو يعقبه مباشرة يقوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بزيارات إلى إخوانه في أربع دول خليجية؛ هي قطر والإمارات والكويت والبحرين لتعزيز أواصر المحبة والإخاء وبحث ما يؤكّد ويقوي المواقف الخليجية أمام ما يهدّد أمن المنطقة من تغوّلات وتدخلات إيرانية بواسطة العملاء كالحوثيين في اليمن أو المليشيات والأحزاب المدعومة من إيران في دول أخرى.
ثم يعقب الجولة الأخوية عقد مؤتمر القمة الخليجية السابع والثلاثين في المنامة الذي ينتظر أن يخرج بقرارات تعزّز التلاحم بين دول المجلس؛ ليرقى التنسيق من التعاون إلى الاتحاد في مواجهة المستقبل والمصير المشترك.
وبتأمل متأن لإيقاع أداء الدولة في الجوانب السياسية والإدارية والتنموية والعسكرية نجد التناغم والانسجام التام بين ما هو عسكري على الحد الجنوبي، وما هو تنموي في الجزء الشرقي أو غيره من الوطن، وما هو إداري يغير ويضيف ويجدد، وما هو سياسي يعزِّز ويقوّي ويؤسس لبناء قوة ودروع حماية للوطن وللأمة.
المملكة العربية السعودية بقيادتها الحكيمة الراسخة الممتدة عبر ما يقرب من ثلاثة قرون تعد تجربة فريدة على مستوى العالم في التوازن والتكيّف واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وبناء العلاقات السياسية والاقتصادية وفق المصالح العليا للوطن.
ولو نظرنا إلى التجارب السياسية في دول عربية ليست بعيدة عنا - وهو ما يؤسفنا حقاً - لوجدنا التأزمات الأمنية المتلاحقة والتخبط في مسارات التنمية والفوضى في صناعة الهوية وفقدان السلاسة في انتقال السلطة وكثيراً من أوجاع الفقر والحاجة وعدم توفير أبسط ضرورات الحياة الكريمة.
وبسرد شيء من تفاصيل إيقاع أسبوعين فقط من أداء الدولة في المجالات التنموية والإدارية والسياسية يتبيّن كم هو اليوم الذي يمر بنا غال ونفيس لما يتم فيه من إضافة وإنجاز وبناء ولله الحمد والمنة.