د. أحمد الفراج
منذ مدة طويلة، وأنا أحاول أن أتعرّف على سياسي، في هذا العالم الواسع، يشبه رئيس أمريكا المنتخب، دونالد ترمب، وأخيراً قلت: وجدته، نعم، لقد وجدته، إنه السياسي الصاخب، ورئيس وزراء إيطاليا السابق، سيلفيو برلسكوني، فهو وترمب يتشابهان، في كثير من الوجوه، فكلاهما رجل أعمال ناجح، كما أنهما ليسا ساسة محترفين، وكلاهما له نصيب وافر من الحياة الباذخة، والعلاقات النسائية المتعددة، ويكادان يتطابقان في مواقفهما، فكلاهما يجنح لفكر اليمين المحافظ، فلئن كان لترمب موقف حاد من اللاتينيين، المقيمين في أمريكا بطرق غير مشروعة، فبرلسكوني لم يوفر حتى الرئيس أوباما، إذ إن له تصريحاً عنصرياً ضده، بعد انتخاب الأخير رئيساً، في عام 2008، ولا يمكن إغفال ما يُسمى بزلات اللسان المتكررة، فترمب وبرلسكوني لهما نصيب وافر من ذلك، دون تقدير للعواقب، أي أنه تصعب السيطرة على أي منهما، بشهادة كل المتابعين.
في تقديري أن أحد الأسباب الرئيسية لبروز، ومن ثم نجاح برلسكوني في إيطاليا، ثم ترمب في أمريكا، هو ثراؤهما الفاحش، وأسلوب حياتهما المترف، ووعودهما للناخبين، بأنهما سيجعلان حلم الناخب بالرفاهية، والعيش الرغيد يتحقق، وبالتالي فالناخب يحلم بأن هذا المرشح الناجح في حياته، سيسعى لأن يجعل هذا المواطن «الحالم» نسخة منه، عن طريق توليد الوظائف، ورفع مستوى المعيشة، وتوفير متطلبات الحياة الأساسية له ولأسرته، ولكن الواقع يقول إن برلسكوني، وحسب المعلّقين الإيطاليين، غادر المسرح السياسي، محملاً بفضائحه، دون أن يحقق الحد الأدنى من وعوده للناخبين، والأدهى هو أنه أصبح أكثر ثراءً، ويؤكّد المتابعون لمسيرته في الحكم على أنه حاول كل جهده أن يسخّر البرلمان، لاستصدار قوانين تخدم مجال عمله التجاري، وهو ما تحقق جزئياً، ونتج عنه ازدياد ثروته الخاصة، والنتيجة هي أنه غادر المسرح السياسي أكثر ثراءً، وناخبيه أكثر فقراً!
دونالد ترمب، على الضفة الأخرى للمحيط، رجل أعمال ناجح، ومستثمر ذكي، صنع ثروة بالمليارات، ورغم أن صحائف تعاملاته التجارية - حسب جريدة النيويورك تايمز، وغيرها من وسائل الإعلام - تشير إلى أنه استخدم نفوذه، ومهارة محاميه، للحصول على تسهيلات، وإعفاءات من الضرائب، ورغم علم معظم أنصاره بتفاصيل كل ذلك، إلا أنهم انتخبوه، بحجة أنه رجل ذكي، ومثلما خدم نفسه كرجل أعمال، عن طريق مهارته الفذة، فإنه سيستخدم ذكاءه ومهارته لخدمتهم هذه المرة، حسب تصريحات كثير من مناصريه، وسيتبين لاحقاً، إن كان ترمب سيخدم مواطنيه الأمريكيين، بذات الطريقة التي خدم بها نفسه، أم أنه سيكون نسخة من زميله، برلسكوني الإيطالي، ويستخدم كل سلطاته وقدراته لخدمة نفسه، وتجارته الخاصة، على حساب ناخبيه.