عبد الرحمن بن محمد السدحان
* حين كتبت قبل حين عن ظاهرة (الموظف نهاراً.. والتّاجر ليْلاً)، لم أكن أعني زيداً من الناس أو عمْرواً، بل كنت أجادل مبدءاً يتكئ إلى القناعة بأنّ الوظيفة الحكومية ولاية عامة، لا يجوز أن تخلط أوراقها مع ما يتناقض معها غاية أو وسيلة، ناهيك بما يفسدها! الوظيفة شيء، والتجارة شيء آخر، والجمع بينهما ثنائية عسرة محفوفة بالمخاطر والشبهات، يشقى بها العقل، ويقلق لها الوجدان وتتضارب في ظلها المصالح.. مهما حاول صاحبها التبرير أو التمرير تحت مظلة (الغاية تبرر الوسيلة)!
***
* ونظام الخدمة المدنية لم يبخلْ على الموظف بمرونة «الهجرة» إلى خارج سرب الوظيفة، متى شعر بالرغبة في تجديد أدائه، انتقالاً مؤقتاً، فوهبه فرصة (الإعارة) لمدة أو مدد محسوبة لأغراض التقاعد، شريطة تسديد ما يقابل (9 %) شهرياً لمؤسسة معاشات التقاعد، ثم له الخيار بعد ذلك في العودة إلى عمله الحكومي أو التفرغ لعمل جديد.
***
* ومدة كهذه أو أدنى من ذلك أو أكثر، كافية لترسيخ القناعة لدى الموظف المعار إمّا الاستمرار في كنف الإعارة أو الرحيل عنها، أمّا أن تكون الوظيفة الحكومية لدى أحدهم بمثابة (أمّ العيال) و(يكرس) القلب والقالب إيثاراً لـ(الأُخرى)، فأمر فيه أكثر من قول!
***
مستقبل الفتاة السعودية:
* سئلت ذات يوم: كيف ترى مستقبل الفتاة السعودية؟ فقلت: أراه يتجدّد كما الشمس تألّقاً وإشراقاً، وكما الربيع جمالاً وإبداعاً، لكنني في نفس الوقت لا أستطيع أن أكتم إحساساً بالقلق من أن تفقدَ فتاتُنا -عبر مسيرتها اللاّهثة نحو الغد الموعود- القدرةَ على التمييز بين مالها من حق، وما عليها من واجب، وما تريده هي ترتيباً على هذا وذاك! وتكون النتيجة أن تختلطَ في ذهنها بعض المفاهيم والأدوار.. وسط مباهج التحضير لقافلة الغد، وقد تستسلم في النهاية لحيرةٍ تفقدها موهبة الاختيار.. بين آلية الممكن ومثالية المستحيل!
قبل الوداع:
* إن (صناعة) الكلمة موقف وفن ومسؤولية، وليست جَرساً لاصطياد الأسماع أو قبساً لاستنفار الأبصار! وأذهب إلى أبعد من ذلك، فأقول، لو أدرك الناس بأس الكلمة، مقروءة أو مسموعة، لتردّدوا كثيراً في كتابتها أو نطقها، لأن نتيجتها قد تكون واحداً من ثلاثة:
* فإمّا أدانتْ صاحبَها إدانةً تنزله دركَ الحضيض!
* وإمّا سمَتْ به سموّاً يرقَى به إلى ذروة من خلود!
* وإما انصرفَ الناسُ عنه، لا حُبّاً له ولا كرهاً، ثم يمسي أو يصبح كالزَّبَد يذهب جفاء!