تشهد المملكة العربية السعودية نهضة تنموية رائدة بين دول العالم والمتابع عن قرب يرى التحولات الكبرى في المنظمات والبيئات المحيطة من حولنا في ظل استدامة الموارد وريادة الخطط تحت مظلة رؤية 2030 سيندرج تحت هذا العمود بعض الرؤى والافكار التي يعول عليها أن تساهم في تحقيق هذه الرؤية في مجال النقل، وننطلق من مقترح «الترام ودوره المأمول في النقل».
في زيارة عاجلة لبيت الله الحرام سترى الخدمات الهائلة المقدمة من قبل المملكة للزوار ما بين حسن التنظيم والرعاية المتواصلة لضيوف الرحمن، يشرف عليها جهات عديدة ومتنوعة سخرت كافة أمكانياتها وطواقمها لخدمتهم، ولا عجب فالمملكة أثبتت تفوقها عالميا في إدارة الحشود وكان لها السبق عالميا، وفي هذا الصدد سنرصد من منظار تخطيطي دور الجهات المشرفة علي النقل العام والتي تسعى بشكل مستمر لتطوير أدواتها في هذا المجال وكان آخرها مشروع قطار الحرمين، وهو مشروع عملي وجدير بالإشادة، لكن يبقى الحاج أو الزائر في حيرة أمام الوصول لبيت الله مع صعوبة توفر المواقف واختلاف أسعار سيارات الأجرة ناهيك عن اختلاف أحوالهم الصحية والاقتصاية.
في هذا المقال، سنفرد الحديث كيفية الاستفادة من «الترام» فهو وسيلة النقل العام الممكن تنفيذها على الطريق مباشرة ولا يحتاج تفعيلها إنشاء شبكة منفصلة عن شبكة الخطوط القائمة حيث سيسير بمحاذاة السيارات وتحديد مسار للرحلات ومحطات التوقف، وما في ذلك من فوائد جمّه في توفير الجزء الأكبر من ميزانيات هذه الشبكات وهي نزع الملكيات. وبالنظر في ذلك فإن مثل هذا المشروع ايضا قد تكون تكلفته (صفر)، وذلك بسبب ان المشغل سيتحمل التكلفة باستثماره التشغيلي، أو أن تكون منافسة عامة عن طريق PPP (المشاركة الشعبية في المشروع).
وبشكل مبسط فإن تشغيل الترامات يمنع دخول أي سيارة خاصة الى المنطقة المركزية بالحرم، وسيصبح هناك نقاط محددة في كل الطرق الشريانية المؤدية للحرم لتحميل وتنزيل الركاب، ومن ثم استخدام وسائل النقل الأخرى و الاستفادة من المواقف العامة والخدمات الأخرى.
السؤال الاقتصادي الملح هو: لماذا لا يتم الاستفادة من هذه التجربة، خاصة ونحن نشهد انتشار الترام في العديد من مدن العالم مع اختلاف الإمكانات الإقتصادية والجغرافية، وهنا نطرح تساؤلا: ما المميزات التي ستتحقق في حال توفير هذه الخدمة لحجاج بيت الله؟
تجربة الترام في دول العالم تدفعنا لللتفكير مليا لجعله محور أساسي في شبكة النقل ليس فقط داخل مكة المكرمة بل في كل أنحاء المملكة لتحقيقها منافع اقتصادية واجتماعية جلية، ولعل البداية تكون من مكة المكرمة لحاجة الزائرين العاجلة لها ولمكانة هذه البقعة الطاهرة في قلوب المسلمين.
د.م. ماجد محمد بن حباب الدلبحي - دكتوراه في التخطيط والنقل الحضري - أمانة منطقة الرياض
@majid_habab: تويتر