يوسف المحيميد
لا شك أننا تطورنا كثيرًا فيما يخص ملاحقة الغش التجاري، هذا لا يخفى على أحد، لكن ما يلفت النظر تكرار حالات الغش حتى من قِبل شركات كبرى مختصة بالأغذية، فما الذي يجعل التاجر يكرر التلاعب، كل مرة بطريقة جديدة، إما بالأسعار أو بتواريخ الصلاحية، أو بالوزن وخلافه؟ هل تعامل وزارة التجارة غير جاد مع هذه الحالات؟ هل تكتفي بغرامة قليلة، لا تمثل شيئاً بالنسبة لمبيعات هذه الشركات، لذلك تتجرأ مرة تلو الأخرى؟ هل المرات التي يتم فيها ضبط حالات غشها لا تمثل شيئاً بما لا يتم ضبطه؟
أعتقد أن عدم الإعلان عن المنتج المغشوش الذي يضع تاريخاً مستقبلياً على منتجاته، والاكتفاء بتغريمه، يسهم في تكرار التلاعب في سلامة المواطنين وصحتهم، لأن من الطبيعي أن يتم الإعلان عن حالة الغش في الصحف على نفقة الشركة، وتقديم الاعتذار للمواطن عن حالة خداعه، بل ودفع التعويضات الكبيرة لمن يُصاب بحالة تسمم من هذه المنتجات المغشوشة.
إن على وزارة التجارة التي تعرف أنها حققت قفزة كبيرة في ضبط حالات الغش التجاري وفرض الغرامات، أن تدرك بأن هذه مرحلة تحققت فعلاً وانتهت، ولا بد من الانتقال إلى مرحلة جديدة من العمل الجاد، مرحلة تتسم بعقوبات أشد، قد تصل إلى سحب السجل التجاري من التاجر في حال تكرار الغش ثلاث مرات أو أكثر، وطرد الشركة من النشاط، لكي تكون عبرة لغيرها من الشركات التي تنوي وتخطط لعمليات غش تجاري علني.
لم تزل السوق السعودية مكاناً آمناً للتجار العابثين، خاصة مع اتّساعها، وضخامة النشاط التجاري فيه، في مقابل قلة كوادر وزارة التجارة ومراقبيها في الأسواق، مما يُحمِّل المواطن مسؤولية كبرى في الشعور بالمسؤولية، وتحمُّل الأمانة، والعمل متطوعاً كمراقب في الأسواق، والإبلاغ فوراً عن أي حالات غش يكتشفها، ليسهم مع الدولة في الحد من حالات الغش التجاري.