د. محمد عبدالله الخازم
كتبت أفكاراً عامة كشخص مهتم بالتنمية، ينثر الفكرة أو الرأي الذي يراه، متأملاً أن يحظى بالتمعن والدراسة عن طريق المتخصصين الأكثر خبرة ودراية بهذا المجال. أواصل الكتابة عن حاجتنا لمشروعات تنموية تعيد الحيوية للاقتصاد المحلي الذي بدأ يتأثر بفعل تخفيض المشروعات الحكومية المختلفة.
أول القواعد في مجال التنمية هي مسؤولية الدولة عن البنى التحتية الأساسية حتى ولو اضطرت للاستدانة لأجل إكمالها، ودولتنا منذ تأسيسها لم تتخلَ عن مشروعات التنمية. أكبر اقتصاديات العالم لديها عجز في ميزانيتها ورغم ذلك لا تتخلى عن مسؤولياتها التنموية، ونحن -هذا كلام غير متخصص في الإقتصاد- أصبحت تخيفنا مصطلحات العجز والدين العام وأسهل الحلول في هذه الحالة؛ عندما يكون لديك عجز فكل ما عليك فعله تقليص مصروفاتك وإيقاف مشروعاتك.
هناك فكرة تتكرر ألا وهي الخصخصة، ورغم أن جوانبها كثيرة وسبق الكتابة عنها، إلا أنني أشير إلى تباين مفهومين في هذا المجال.
الأول: تحول بعض القطاعات إلى شركات أو محاولة رفع مساهمة المواطن في تكاليف الخدمات القائمة عن طريق الخصخصة. هذا عرف عام في الخصخصة، لكن ما يقلق أننا نركز على جانب أني، حيث نرغب في بيع الخدمات أو المؤسسات القائمة. أو بمعنى آخر؛ التركيز على جلب موارد مالية إضافية مباشرة للدولة، بشكل عاجل.
الثاني: التخصيص المفيد للتنمية المستقبلية، وأقصد هنا تجاوز التركيز على تحصيل مبالغ أنية لميزانية الدولة إلى التفكير في التنمية المستقبلية والاستفادة من القطاع الخاص لتحقيقها. على سبيل المثال؛ يمكننا تخصيص سكة القطار الحالية بين الرياض والدمام لتحصل الدول على أموال مباشرة لكن الأهم هو أن ننفذ خطتنا التنموية بتأسيس شبكة قطارات تربط الغرب بالشرق والشمال بالجنوب. هنا يفترض أن تكون عملية التخصيص في تسليم القطاع الخاص مهمة تنفيذ مشروعات سكك الحديد الجديدة دون أعباء على الدولة، كأن تكون مقابل استثمارها من قبل القطاع الخاص لفترات مناسبة. ربما نحن الوحيدون -على سبيل المثال- الذين ننفذ شبكة مترو على حساب الدولة بينما في الدول الأخرى ومنها بعض دول الجوار تنفذ تلك المشروعات دون أي أعباء على الميزانية الرسمية، بل إنها تحقق عوائد مستقلبية على الدولة حين يعاد بيعها أو تملكها أو تخصيصها.
الأفكار هنا ليست جديدة والخطوة القادمة تتطلب إكمال التشريعات والضمانات اللازمة، التي ننتظر إسهام مركز التخصيص المزمع تأسيسه قريباً في إنجازها. ولا نغفل بأن هناك دراسات وأفكاراً عملت عليها الدولة لسنوات طويلة في هذا المجال، لكنها لم تنفذ. من ذا ينفي أن سكة القطار الكبرى مطروحة منذ عقود عديدة، وفي كل مرة نحيلها على الرف ونؤجلها ومثلها تخصيص الخطوط والمطارات والموانئ و الصناعة وغيرها؟..
نحتاج أن نعيد عجلة المشروعات التنموية، وبفكر تمويلي حديث.