د. ناهد باشطح
((الأصدقاء هم موازين الحرارة التي تحدد رصيدنا))
-حكمة عالمية-
بعد كم التجارب الناجحة والفاشلة في اختيار الأصدقاء أيقنت أن الصديق الكامل هو كالأساطير أو الخرافات أي أنه غير موجود في الحياة، وهذا ليس تشاؤما ولا هو بسبب خيبات الأمل في أكثر من صديق، بل لأننا في اعتقادي لا نستمتع بالصداقة في ظل اشتراطنا صديقا بمواصفات مثالية بالرغم من أننا أنفسنا لسنا مثاليين!!
قبل أشهر تعلمت في تجربة الفقد دروسا عدة من أهمها خفض سقف توقعاتنا نحو الآخرين والتماس الأعذار لكل شيء.
نعم لكل شيء يصلنا من الأصدقاء لغيابهم أو تقصيرهم أو حتى غدرهم ذلك أن الحياة ببساطة لا تستحق العناء.
وإذا نظرنا إلى أجمل ما في كل صديق صار لدينا توليفة من العلاقات الجميلة والمريحة.
لاحظت أن الأطفال يفعلون مثلنا عندما كنا صغارا لديهم «الصديق المقرب» ولذلك يبكون كثيراً إذا فارقهم لأي سبب.
نحن وإن كنا كبارا لكننا نفعل ذات الشيء -وإن لم نبك- إلا أننا نتألم لغياب الأصدقاء خاصة في وقت احتياجنا لهم.
نعم وقت الاحتياج للأصدقاء نعتبره - مخطئين- المحك لاختبار صدقهم وهذا ليس معيارا دقيقا إنما هو معيار أناني.
لماذا لا نفترض أن وقت احتياجنا لهم صادف وقتا عصيبا لديهم أو كانوا يمرون بما نمر به من مواجهة تحديات الحياة.
وهذا ما تعلمته من تجربة الفقد التي تجعلنا نغيب نحن عن الأصدقاء وربما ننزوي بألمنا وفي لحظات الغضب نكتشف أنهم لم يخطئوا لأنهم لم يغبوا، بل نحن الذين غبنا عن كل شيء باستثناء ألمنا الذي كان عظيما في نظرنا إلى الحد الذي لم يعد يعرف القلب كيف يرى الأصدقاء، ثم تدريجيا تغيب غمامة الجرح ولا تختفي ويبدأ القلب في إعادة حساباته ليجد أن الفقد أكسبه أصدقاء جدد لم يكونوا ضمن خارطة حياته وفي ذات الوقت علمه الألم العميق معنى ألا يحكم على الآخرين ولا يعاتب ولا يقسو.
الألم يعود بنا إلى أعمق درجات الإنسانية لنستوعب معنى العلاقات الإنسانية في محطة عابرة.