«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
نقترب الآن من موعد إعلان موازنة العام الجديد 2017. وتزداد التكهنات يوميًّا باستخدام المستجدات على الساحة الاقتصادية، وأهمها اتفاق روسيا، الذي يفتح الباب لارتفاعات جديدة بالأسعار العالمية للنفط، إلا أن المتتبع لا يحتاج إلى اتفاق روسيا ليكتشف أن أسعار النفط السابقة على الاتفاق بدأت تتحرك تدريجيًّا نحو سقف الـ 50 دولارًا، ليس لمرة واحدة منذ بداية ديسمبر الماضي، ولكن تقريبًا لخمس مرات تجاوزت سقف الـ50 دولارًا؛ لتعود من جديد لتتحرك بين مستوى 45 و50 دولارًا للبرميل.
ويوضح الشكل البياني أن أسعار النفط كسرت سقف الـ40 دولارًا منذ مارس هذا العام تقريبًا لتسجيل متوسطات شهرية عند 46 دولارًا تقريبّا، بل إن عام 2016 يوشك السعر العالمي لإغلاقه عند مستوى 42 دولارًا للبرميل، وهو متوسط السعر حتى تاريخه. أما إذا أخذنا في الاعتبار أن متوسط السعر بدأ منذ الأول من ديسمبر فوق الـ50 دولارًا فالتوقعات أن يسجل مستوى أعلى من 42 دولارًا كمتوسط سنوي.
كل هذه التوقعات الإيجابية تغير من مسار التوقعات السابقة لموازنة عام 2017 للمملكة؛ فالحكومة - ممثلة في وزارة المالية - أعلنت بلوغ مستوى الدين العام 342.4 مليار ريال حتى الأول من ديسمبر، وذلك في ظل الإصدارات المتوالية، التي نعتقد أن عددًا منها استعدادًا لإعلان موازنة العام الجديد.
وقبل الخوض في تحليل توقعاتنا لموازنة العام الجديد ينبغي توضيح أن مستوى الدين العام حتى مع بلوغه مستوى 342.4 مليار ريال فإنه لا يزال عند مستوى يناهز نصف قيمته في عام 2003م عندما كان يبلغ نحو 660 مليار ريال، هذا مع الفارق الكبير في مستوى العملة والتضخم حينها؛ فقيمة 342.4 مليار ريال الحالية تقل كثيرًا عن مستوى قيمتها الحقيقية نتيجة معدل التضخم العالمي. وعليه، فإن الاقتصاد الوطني لا يزال يتحرك عند مستوى طبيعي ومعتاد للدين العام، وهو المعبر عن حجم العجز الكلي للاقتصاد.
وارتفاع أسعار النفط لتناهز متوسط سنوي 42 دولارًا للبرميل أيضًا يمثل مؤثرًا إيجابيًّا، سواء للميزانية الفعلية لعام 2016م أو لموازنة عام 2017م؛ لأن التوقعات كانت سلبية للغاية في نهاية عام 2015م (35 دولارًا للبرميل)، بشكل ساد معه تشاؤم كبير حول انخفاض وتراجع الإيرادات النفطية السعودية. لذلك، فإن أسوأ التوقعات تتوقع تحسنًا في الإيرادات النفطية الفعلية لعام 2016م، وتتوقع تحسنًا أعلى لها في العام الجديد 2017م.
وتتوقع وحدة الأبحاث والتقارير بـ«الجزيرة» أن يصل مستوى الإيرادات الحكومية للعام 2017م إلى نحو 650 مليار ريال في ظل متوسط سعر النفط بحدود (45 دولارًا للبرميل)، مقابل توقع مستوى مصروفات حكومية معادل لمستواه المقدر لعامَيْ 2016 و2015 عند 840 مليار ريال.
لذلك، فإن تقديرات العجز في الموازنة الحكومية من المتوقع أن يتراجع من مستوى عجز مقدر في 2016 بنحو 326 مليار ريال إلى عجز لا يزيد على 190 مليار ريال في عام 2017م.
ولا يفوتنا في السياق الإشارة إلى أن هذه التوقعات تتفق مع توقعات صندوق النقد الدولي التي خفضت تقديراتها لمستوى العجز في الموازنة السعودية، وبالطبع مع الصعود التدريجي لأسعار النفط، بل مع التوقعات الإيجابية لصعود مستمر بالوتيرة نفسها، أو أعلى، بدءًا من ديسمبر الحالي.