سعد الدوسري
ها هو الطريقُ ينتهي،
ممزوجاً بمطرٍ ودمٍ وحليب.
ها هو الطريقُ مختلطٌ بحقيبة سفر.
ها هي الجملةُ، تكتبُ كلماتها أخيراً،
وتتوّجُها بسؤالٍ يحدقُ في سماء.
ها هو،
مستلقٍ على ظهره، كأنه كان في انتظارِ فكرة،
كأن الرصاصةَ لم تخترقْ صدرَه،
ولم تُسْقِطْ حقيبتَهُ، وزجاجةَ حليبِ طفلته،
كأنه كان يراود نفسَهُ أن يهاجرَ اسمَهُ، ولونَ سحنتِه، والبردَ الذي فتَّتَ عظامَه، وأزيرَ قنابلِ صباحاته الباكرة.
مستلقٍ بجانب أجسادٍ سبقتُه في نفس الطريق،
لكن الوقتَ لم يتسنَ له، كي يقترحَ عليها الهجرةَ معه، ومشاركتَهُ أُجرةَ القاربِ المهترئ، ونكهةَ البحر والمحيط.
ها هو،
يقرأ على حواف الغيمِ خطواتِ ابنته، فيدفعها بحنوٍ كي تهزَّ الماءَ بقدميها، لتغسل عن ناظريها رعودَ الدماء والأشلاء، وربما الأجساد والأسماء، وربما الشوارع والقرى والمدن،
وربما الوطن، بتاريخه وأناشيده وأشجار زيتونه وهضابه وأديانه.
ها هو،
قبل أن تهطلَ على جبينه آخرُ قطرة،
يغمضُ عينيه، فيغشاه البياضُ الرؤوف،
وحيداً، يغشاهُ البياض،
البياضُ الرحيم.