سعيد الدحية الزهراني
الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الصحافة السعودية حالياً تكشف عن واقعين مأساويين مترابطين.. الأول يعكس مستوى التخطيط وإدارة المؤسسات بوصفها ثقافة ضمن إطار العمل المؤسساتي العام لدينا.. والثاني ـ وهو امتداد للمسار الأول ـ هشاشة البناء المؤسسي المتين داخل المؤسسات الصحافية السعودية التي طوت في معظمها العقود والعهود والطفرات المالية.. ثم لم تتبلور لديها رؤية إدارية واعية ومتينة.. والحال اليوم وفق ما كشفه عنه رئيس هيئة الصحفيين السعوديين الأستاذ خالد المالك عبر سلسلة من المقالات حظيت بتفاعلات إعلامية واسعة.. لا ينبئ بحل!
ولكي لا نمعن في نبش الماضي وتقاذف كرة الاتهام والمسؤولية التي أرى أنها تستلزم المساءلة.. علينا أن نتطارح أوجه الحلول والمقترحات حيال المستقبل الصحافي الأليم القريب.. وأولى خطوات العمل مناقشة هذه الأزمة علمياً ومهنياً وإدارياً ومؤسساتياً.. بوضوح وشفافية وشجاعة كاملة مثلما فعل الأستاذ المالك، لا أن ندفن رؤوسنا في رمال المكابرة حتى تبتلعنا الأرض أمواتاً..
الواضح أن السيناريوهات المتوقعة ليست بتلك الوفرة المطمئنة.. هي في حقيقة الأمر سيناريوهان اثنان؛ إما الدعم “أياً كان مصدره” أو الاندماج بين أكثر من صحيفة.. فيما لن يكون السيناريو الثالث سوى إعلان المغادرة وترتيب حفل الوداع الأخير.. بكل ما يحمل هذه المشهد من تراجيديا الفقد والخسارة..
هل نحن أمام صفحة رمادية باهتة يطويها سجل كتاب الحضارة الإنسانية وحسب؟! بكل تأكيد لا.. فمنذ أن ولدت فاتنة العقول الطويلة وهي تمنح الحياة لونها والعقول ومضها والأرواح صوتها والوجدانات بوحها.. من رحمها ولدت الوسائل الأخرى وبها تبني مضامينها وإليها يعود صداها.. وهي وجه الشعوب والحضارات والدول وبيانها وتبيانها وانفعالها المتأني والرصين.. مضامينها اليوم هي التاريخ الذي لن يفنى غداً.. حين يجف دم الموجات في وريد الإلكترون.. أو يفصل أحدهم فيش الاتصال!