نادية السالمي
الرسالة الأولى:
الحمدلله الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه، أحمده حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا يليق بجلال عظمته أمرنا بحسن الخلق وأثنى على نبيه بقوله: «وإنك لعل خلق عظيم» وأشهد أن لا إله إلا هو،وحده لا شريك له ،الرحيم التواب ،الكريم الودود الوهاب ،وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أدى الأمانة ونصح الأمة، وتمم مكارم الأخلاق.
أما بعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله،حق تقاته القائل في محكم التنزيل (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)
واعلموا أن أعظم الجهاد جهاد النفس وأعظم الهدي هدي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فمن حاد عنه هلك ومن تمسك به أفلح وغنم، وما عرف عن نبيكم الذي أنزلت عليه الحكمة وفصل الخطاب قارئ للنوايا، ولا حابسًا لحريات الناس، ولا شاهدًا لفلان من الناس بجنة أو نار إلا بما جاء به خبر السماء. فمالكم كيف تقرؤون النوايا بأبجدية قدت حروفها من خبث، ومالكم كيف تحاصرون الأمة في خنادق ضيقة والقرآن يلفت أذهانكم باستفهامه في قوله تعالى «أفلا تتفكرون» «أفلا تعقلون».
ومالكم كيف تحكمون بجنة أو نار وخبر السماء قطع منذ أن صعدت روحه عليه الصلاة والسلام إلى السماء.
أيها الناس: العبادة مهما كثرت لا تغني عن حسن الخلق، فإن سوء الخلق يمحق الأعمال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:« أتدرون ما المفلس؟ ». قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال:« إن المفلس من أمتي يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار»
اللهم ارزقنا حسن الأخلاق ومكارمها، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
الرسالة الثانية:
السلام على الحرية يوم نادت مخلصة الناس من جور الكنيسة، وكهنوت رجال الدين المسيطرين عليها. والسلام عليها يوم أجهز على ما تبقى منها من جاء ليعتنق فكرتها فضيعها وضيع فكرته فجاءت أفكاره متناقضة تتخذ شكل مزاجه حين تفوه بها، فبدت أيديولوجياته في صراع الأيديولوجيات هزيلة لا تسمن الوعي، معبئة بألوان فسفورية سرعان ماتنطفئ وينطفئ معها، وبدلا من جعل نفسه صورة ناطقة بالحرية، والإيمان بكرامة وقرار الفرد فيما لا يتعارض مع مصلحة الآخرين، انتهتك المبادئ التي يظن أنه يدعو لها، ولسان حال باطنه المغيب عنه «بيدي لا بيد عمرو».
والأنكى من هذا أنه بروز فكرة مناهضيه بأن الحرية لا تعني إلا الإباحية والانحلال، حتى شاعت عند الأتباع الذين لا يكلفون أنفسهم جهدًا للفهم أو للقراءة فيكفي مايقول فلان ليكون كبد الحقيقة والعين لها. ما أعطى هذا الفكر هذا الزخم من سوء الفهم وتكالب التشويه المتعمد.
أيها الأحرار: إن صلاح هذا الخطأ لا يتم إلا بتبني الصدق مع الذات ومن ثم تبني استراتجية متكاملة لمشروع حقيقي تتضح من خلاله مفاهيم الحرية والعدالة والتعددية الثقافية والمساواة بلا غش وتدليس، وهذا أولى من أن نتحول إلى عبيد الحرية الجدد.