د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** السبت الماضي كنا على موعد مع نقلة لا نسميها تطويرية بل تحولية سعت إلى دمج الورق والرقم في مجلة واحدة؛ يُقرأ بعضُها بالتصفح اليدوي وبعضُها بالتصفح البصري، وهدفها استيعابُ المادة الثقافية وتنويعُها بين خبر وتحقيق وقضية وحوار ومقال ودراسة، ووضعنا صور المادة الرقمية المكونة من أربع صفحات مع رابطها في النسخة الورقية كي لا تغيب عن قارئ الشاشة، وقد نزعم أنها التجربة الأولى التي نعيها في عالم الصحافة الثقافية - على الأقل - ووجدت أصداءً مشجعةً من الجميع دون استثناء صوتٍ أو صوتين خشيا من هذا التحول الذي نتوقع أن تثبت الأيام صلاحيته.
** جاءت هذه الخطوة بدعم من رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك والمدير العام المهندس عبداللطيف العتيق ؛ فلهما الامتنان كما لفريق العمل التحريري والتقني، وفي طليعته : الزملاء المحررون ومخرج المجلة الزميل طلعت عيد والأستاذ إبراهيم الناشري من الدعم الفني وآخرون.
**تزامنت هذه الخطوة مع ما كتبه الأستاذ المالك في أربع حلقات عن « هموم صحفية « وكان فيها حريصًا على المكاشفة الجريئة، وبخاصة أنه يعتمر عباءتين ؛رياسة تحرير صحيفة كبرى ، ورياسة مجلس إدارة جمعية الصحفيين السعوديين، و«الرائد لا يكذب أهله «،والمتغيرات الاقتصادية والإدارية تفرض مثل هذه المصارحة المبكرة فلعلها تعدل ميلًا أو تستعيد موقعا.
** الزمن يتغير بأكبرَ مما نستطيعُ متابعته،والآتي محمَّلٌ بعالم رقمي يقرأ ويتنفس عبر الشاشات، ولا عذر لمن لم يستعدّ؛ إذ في كل مناحي الحياة ثمة تغييرات قادمة لا محالة، وفيها الإدارة والتعليم والإعلام والاتصالات، وقد كتب صاحبكم من مقال خميسي:
( من ينعي الإعلام الورقي عليه ألا يتأخر كثيرًا كي ينعي الإعلام الرقمي؛ فكلاهما يعيش مرحلة خمولٍ وتراخٍ وتضاؤل تأثير، وإذا كانت مبيعات الأول وإعلاناتُه قد تراجعت فإن الثاني دون إعلانات ولا مبيعات، والدمج بينهما حلٌ قريبٌ قد يعزز الضعفَ ويبدل التموضع، وعلى أقسام الإعلام في الجامعات أن تعيد النظر في مناهجها؛ فقد يتاح لها التفكير بنظريات جديدة تقلب المفاهيم السابقة حول الاتصال، وربما عادوا إلى نظرية «الووم» Word Of Mouth.
ليحاولوا التبديل في معطياتها كي يتلافَوا سلبياتها المتزايدة طرديًا مع فاعلية انتشارها؛ فالتناقل الشفاهي، ولو دون توثيق أو تدقيق، يتسيَّدُ الساحة المجتمعية، ومعظمه يتم عبر الوسائط الفردية التي يعنيها تسارعُ النقل وتكثيف رد الفعل.
لن نعجب إن كان الأكاديميون غائبين عن المشهد المتبدل فظل القديمُ كما أصَّله منظرو الإعلام من لدن نظرية السلطة التي تُرضي الحاكم وتتجاهل الناس مرورًا بنظريات الحرية والمشاركة والمسؤولية الاجتماعية وغيرها، وامتدادًا نحو نظريات الاتصال كالتأثير المباشر والانتقائي والإقناعي وسواها مما اعتدنا دراسته وتدريسه)
** الغد لا يحفل بالمتثائبين