صباح الخير،
نعم، ما زلت على مقاطعتي لشاي الزهورات لكني استبدلتها بشاي الزنجبيل. هل تظنين أن الزنجبيل من فئة الزهورات؟ حسناً، أعلم أن كل النباتات تزهر لكنها تنتهي إلى أشياء أخرى، أعني هل يصنف الزنجبيل من الزهورات في نهاية مراحله النباتية؟ لست أدري، لأنه يقف في المنتصف بين الأزهار والفاكهة الحارقة - لا أحب أن أعطيه خيار الخضروات -؛ على كل أود أن أؤكد لكِ أنه لم يكن من فئة الزهورات التي أعلنت مقاطعتها - في حال كان زهرة -. أظن أنه يجب أن أغير الموضوع الآن حتى لا تغلقي رسالتي.
سأعترف أني أكتب إليك دون أن أعرف عما سأكتب لكن رغبة جارفة أقعدتني للكتابة فاسترسلت في مشيئتي وفجأة كومضة برق خاطف استدعت ذاكرتي حادثة امرأة مسنة رأيتها في أحد المشافي كانت جالسة على كرسي إلى جانب إحدى الممرضات في قسم الملفات وكنت دخلت لآخذ ملفي وإذا بالمرأة تتجه إلي بحديثها فتقول: هل يرضيك أني منذ أشهر آتيهم ليصرفوا لي علاج السكر ثم أعود ببعض العلاج دون تحاليل أو مراجعة للطبيب المختص ليرى تطور حالتي المرضية؛ لأنهن أضعن ملفي، فلست أدري أآخذ العلاج نفسه أم يفترض أن أغيره، وهل الجرعة ما زالت صالحة أم يجب أن أزيدها أم أخففها؟ كانت تتحدث بوجع ودموع والممرضة تحاول إسكاتها حتى لا أعلم فلم أتمالك نفسي حتى صرخت بهن موبخة ومستنكرة ثم دعوتها لأذهب معها إلى مدير المشفى لتخبره القصة ليحيلها إلى الطبيب، ويعاقب المسؤول عن هذا الخطأ، وحين استدرتُ لنمضي إلى المدير قالت لي معتذرة: ليس الآن فيما بعد أذهب إليه ثم خرجت. وقفتُ متسمرة في مكاني استغراباً من تصرفها.
وأنا الآن أسترجع هذه الذكرى أسأل نفسي: كم مرة يرسل الله إلينا أشخاصاً أو أشياء على هيئة رسائل تعيننا على شؤوننا ثم نصد عنها كشحاً تكاسلاً، أو تهاوناً، أو استصغاراً ثم نغضب حين نرى حياتنا تسير بالمشاكل نفسها دون حل؟ نريد حلولاً ساحرة لحياتنا دون صنع شيء سوى الانتظار! وقد يكون هذا الحل موافقة على أمر صغير أو تغيير أمر يسير أو شجاعة في اتخاذ قرار طال ترددنا في اتخاذه فتُحل مشاكلنا كلها.
المساعِدات في حياتنا كُثر لكن انشغالنا بالمشكل يصدنا عن الانتباه لهذه الحلول التي تمر أمامنا. وربما لأن بعضهن تضع طريقة معينة للحل فإما أن يكون الحل بهذه الطريقة التي خططت لها أو ترفضها! ليس عليكِ أن تضعي لله طريقة لحل مشاكلك بل عليك أن تنتبهي للطريقة التي يريد الله بها حلها.
أذكر مقولة لراسل يتحدث فيها عن مناهضته للحرب فيقول: «إن المخاطر التي يسمح لها الإنسان بالاستمرار ستقتص منه عاجلاً أم آجلا». تعمقي في قراءتها وأسقطيها على مشاكلك التي قبلت بمكوثها طويلاً في حياتك وانظري أي شيء عاد عليك من هذا القبول؟
أما بعد:
هل تظنين أن الزنجبيل من الزهورات حقاً؟
- مها الحميضان