علي الخزيم
هذا المُدّعي الافَّاق بَزَّ كل من قال وقيل عنه أنه شيخ، ومن معاني الأَفَّاق: (من لا يَثْبت على رأي واحد، ومُخْتلّ الذِّمّة، ورجل كذّاب رجلٌ أفَّاق)، وهو ليس من دول الخليج، ومما يبثه على قنواته - ويملك أكثر من واحدة - يتبين أنه يجمع الصفات المذكورة آنفاً، فهو يبدأ حلقة الردح اليومية بتكذيب كل من قال إنه يستطيع العلاج بالرقية وفك السحر وعلاج الأوهام والوساوس وإخراج الجن من جسد الإنسان! ويؤكد أنهم مُدّعون لا يملكون من العلم شيئاً، وينصح المرضى بعدم التوجه إليهم لحفظ أموالهم ولئلا يزيدوهم وهماً ويأساً، ثم يبدأ بعد تلاوة آيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة بعرض قدراته الخارقة الفريدة بفك السحر، ويصف نفسه بأنه أقوى معالج بعد اكتشافه طريقة نادرة وعجيبة لفك السحر المأكول والمشروب والمدفون، والسحر الأسود؛ وقرأت فيما أقرأ أن السحر الأسود: يعتمد على النجاسة وفعل المحرمات بالمحارم كالزنى وغيره، وكتابة الآيات والطلاسم بالدم وخصوصا دم الحيض والمني والعياذ بالله، ويعلن واثقاً عن تفرده بطرد الجن الساكنين بالإنسان كما يزعم؛ حتى لو كانت عائلة أو قبيلة فانه يملك حلاً معجزاً لطردهم (بأمتعتهم) مدحورين من جسم الإنسان.
وتظهر البشرى المُنْتظرة: عاد إليكم الشيخ (الخارق) أقوى معالج بالعالم بعد جولة دولية بين القارات - يزعم انه - قد تم خلالها علاج العديد من الحالات الصعبة، وتم اكتشاف العديد من العلاجات بالزيت والعطر، هكذا ببساطة قضى على امراضهم التي عجزوا عنها واكتشف علاجات لم ينتبهوا لها! ومع أنى أشك أنه كان في جولة سفر إلا إني أقول: كل المعالجين يستخدمون الزيت والعطر بعلاجاتهم المزعومة، إذ أنها الأقرب والأسهل لإدراك ومزاج الموهوم بالمرض، ليس إلاّ! مع إغراء السُّذَّج بالعبارات الكاذبة المعتادة: (الزيتون البكر لعلاج كافة الأمراض، سارعوا فالكمية محدودة)، ومع الحماس ومع اعتقاده بأن المشاهد والمستمع قد داخله شيء من الاقتناع بما يبثه من أكاذيب؛ يرتفع مستوى الدجل ليتناوش الموسرين والأثرياء والوجهاء: بشراكم العطر الملكي لفك السحر، ولدينا استشارات خاصة لرجال الأعمال.
إذاً فبدايات حلقاته كلها لتسفيه ونفي قدرات الآخرين، وتثبيت الأمر لنفسه بأنه الشيخ الطبيب الأوحد على الكرة الأرضية الذي يُطَبق ما يسمى بالطب النبوي، مع أن أكثر العلماء قالوا بأن ليس هناك - على الأصح - طب نبوي، إنما هو نهج النبي المصطفى باختيار ما يناسبه هو من الدواء المتوفر، ولم يأمر به أمته، أو يُشَرّعه، ورُوِيت أحاديث ليس المجال للبحث بدرجة صحتها تُرشد إلى فائدة بعض الأعشاب والنباتات، غير أن هذا المُدلّس المُدّعِي وامثاله يستغلون تعلق الإنسان المريض أو المتوهم بما يجلب له الشفاء ولو بأمل ضعيف وقدر يسير من الراحة، ويسهل استدراجهم بالأخذ بنزعاتهم وخوالجهم الإيمانية الروحانية واستمالة قناعاتهم للتصديق بما يُمليه الطبيب المزيف، ومن ثم الاستحواذ على أموالهم بالباطل.
إذا مررتم على مثل هذه القنوات المُستَخِفّة بعقولكم فاحثوا بوجهها التراب (ولو رمزاً).