علي الصراف
لا تحتاج إيران الولي اللا فقيه أن توصل أسلحة إلى تنظيم داعش. يكفي أن تقدم لها أفكارًا وتدلها على «ابتكارات»، فتحقق النتيجة نفسها لدعم الإرهاب.
وبما أن «تكنولوجيا» الإرهاب غالبًا ما تكون شديدة البساطة، سهلة الإعداد ورخيصة الكلفة، فكل ما يحتاجه الإرهابيون هو أن ينسخوا من بعضهم البعض. وهذا ما حصل بالفعل. ولا أدري لماذا لم ينتبه، إلا القليلون، إلى الصلة التي تجمع بين «ابتكارات» إيران وبين تنظيمات الإرهاب.
اليوم، صار تنظيم داعش يستخدم «طائرات انتحارية» محملة بالمتفجرات، على غرار الطائرات الانتحارية التي أعلن «الحرس الثوري» الإيراني عن «ابتكارها» منذ بضعة أسابيع.
لماذا أعلن «الحرس الثوري الإيراني» عن اختراعه ذاك، بينما كانت القوات العراقية تحتشد لحصار الموصل؟ هل كان لا يعرف أن «تكنولوجيا» الصبيان هذه، قابلة للتصدير بمجرد الإعلان عنها؟
الجواب: لا. لقد كان ذلك مقصودًا تمامًا. من ناحية لكي يُتاح لتنظيم داعش أن يضيف وسيلة جديدة من وسائل الترويع والقتل العشوائي. ومن ناحية أخرى، من أجل ترهيب الولايات المتحدة التي تشارك بقوات لدعم معركة تحرير الموصل. وتحديدًا من أجل القول لها: اتركوا العراق لنا وللحشد الطائفي الذي لا تفرق لديه كم يموت من البشر أو كيف.
التفجيرات الانتحارية، كانت في الأصل، «ابتكارًا» إيرانيًا استخدمه حزب الله في لبنان عام 1983، عندما اجتازت شاحنة محملة بالمتفجرات القاعدة الأمريكية المشاركة في عملية حفظ السلام في الضاحية الجنوبية من بيروت، وأوقعت نحو 300 قتيل دفعة واحدة من قوات المارينز.
هذه العملية لم تكن إلا درسًا لجميع التنظيمات الإرهابية الأخرى التي استخدمت السيارات، من بعد إيران، كأسلحة للتفجيرات. ومنها تعلم تنظيم داعش كل ما صار يحتاجه لشن عمليات وحشية، سواء ضد الثكنات الحكومية أو ضد المدنيين.
وبطبيعة الحال، فقد استخدمت المليشيات التابعة لإيران سلاح التفجيرات ضد الخصوم من كل نوع. وبفضل سياسات الترويع الجماعية، توفرت لهذه المليشيات القدرة على التمدد لفرض سيطرتها على بعض الأحياء والمناطق، سواء في لبنان أو في العراق أو في اليمن.
وعلى الرغم من أن هذه المليشيات لم توفر الحماية لأحد، إلا أنها جعلت من التفجيرات الانتحارية سبيلاً للانتقام على أسس طائفية، من أجل أن توفر الذريعة لأعمال انتقامية مضادة، لتعود فتتخذ منها سبيلاً للمزيد من التمدد. وذلك في دورة قتل وتخريب لم تنته مفاعليها حتى الآن.
طائرة «الحرس الثوري» الانتحارية، ليست سلاحًا لداعش في العراق فحسب، ولكنها يمكن أن تتحول إلى سلاح لكل الإرهابيين في أوروبا وأمريكا والدول العربية الأخرى أيضًا. ويتعين على الجميع التنبه لمخاطر استخدامها ضد المدنيين أو ضد المنشآت الحيوية المختلفة، ومنها محطات الطاقة ومخازن الوقود وغيرها من المراكز التي قد تنطوي على أهمية خاصة.
يُسطّر التاريخ لإيران سجلاً مليئًا بالكثير من جرائم القتل الوحشية، ولكنه يتعين اليوم أن يُسطّر «ابتكاراتها» أيضًا.
عندما أعلن «الحرس الثوري» عن طائرته الانتحارية، لم يكن أحد يعرف أين سوف يتم استخدامها أول مرة.
الجواب قدمه تنظيم داعش، مسطورًا بدماء الأبرياء.
وابتداء من تفجير 1983 (الذي نساه المغرمون بإيران في إدارة أوباما) فإن سطور الدماء سوف تمتد إلى ما لا يعلم أحد أيضًا. وابتكارات الموت لن تتوقف بدورها، بينما ينسخ الإرهابيون من بعضهم البعض.
لو أن «طائرة انتحارية»، طارت من مكان ما في باريس أو لندن أو بروكسل لتصيب حشدًا من الناس في محطة قطارات أو ملعب كرة قدم، فمن سوف يحتفل بهذا «الإنجاز»؟
«الحرس الثوري» هو الذي سيحتفل قطعًا، لأنه يملك «حقوق» الابتكار والاشهار. وعلى سبيل التقية والدجل، فلا شك بأن الولي اللا فقيه سيكون من بين أول من يرسل التعازي. أما تنظيم داعش، فسوف يرسل له رسالة شكر.