شارع أجور رود في لندن ليس مجرد شارع، هو بمثابة دولة متكاملة الأركان في قلب العاصمة البريطانية، نعم فالشارع الطويل الممتد باستقامة جغرافية لقرابة 2000 متر له ملمس الأفاعي التي تتوارى خلف جلدها الناعم السم الزعاف، الشارع هو المكان المثالي للمؤسسات الإيرانية ذات المسميات البراقة (حقوقية، إغاثية، فكرية، تدريبية) بالإضافة إلى الاستثمارات الإيرانية التي تعلن عن نفسها بلا حياء والتي تفرخ يدورها العشرات من الاستثمارات المريبة لساسة من العراق وسوريا ولبنان واليمن، لا يحتاج الأمر إلى أكثر من زيارة إلى سماسرة الشقق المفروشة الذين سيتبرعون لاطلاعك على مباني سراق العراق الجديد ورموز تيار الممانعة المخادع، بالإضافة إلى استثمارات وأملاك يملكها رجال أعمال لا يخفون دعمهم لمليشيات الولي الفقيه في بلادنا، هذه المؤسسات تنتشر بتكامل واضح لا يمكن أن يكون عبثياً أو يحدث على سبيل الصدفة، بل هي أشبه ما يكون بدولة مكتملة الأركان، ببساطة لا يحتاج الصحفي صاحب الخبرة إلى رحلة تقصي معقدة ليكتشف أن هذا الشارع المسمى ظلماً بشارع العرب ما هو إلا مركز تجاري استخباراتي إيراني على مستوى الهوى والهوية، أسماء المحال وأسماء الملاك وأنوع البضائع كلها تشي برائحة التآمر، يكفي أن نثير تساؤلات مشروعة، لماذا كل ما هو ممنوع قانوناً في بريطانيا يحدث في هذا الشارع وفي وضح النهار، انطلاقاً من مخالفة أنظمة السير إلى بيع الممنوعات وممارسة الدعارة والتسول وعدم الالتزام بالأسعار والغش الصناعي والدوائي.
في مقاهي هذا الشارع كثيراً ما نرى أبطال الفضائيات ممن باعوا أوطانهم يرفعون شعارات الحرية الزائفة كذريعة للتآمر.. والشواهد كثيرة ولعل أوضحها مصير اثنين من الانقلابيين على شرعية الحكم في البحرين سنة 2011 اللذين يقضيان الآن فترة السجن في بريطانيا بتهمة التحرش الجنسي بقاصر بالنسبة للأول؛ ودعم الإرهاب بالنسبة للثاني.. ناهيك عن أسماء اقترنت بالإرهاب في بلداننا، وأغلبهم يعملون في مؤسسات إيرانية أو أخرى مرتبطة بطريقة أو أخرى بإيران.
هناك وببساطة يمكن أن تحشد لمظاهرة من 100 شخص بألف جنيه إسترليني فقط للدفاع عن حقوق المرأة في كوكب عطارد مثلاً، نعم 10 جنيهات تكفي لتقنع طوابير العاطلين عن العمل ممن لا قضية لهم إلا أن يتظاهروا ضد أي بلد ولصالح أي قضية مقابل المال.
هناك تنشط العناصر الانقلابية بأنواعها وتحاك الدسائس والمؤامرات وكذلك تغسل الأموال وتباع المخدرات.. والسؤال الذي لم أجد له إجابة رسمية وافية: هل تتعمد بريطانيا أن تجمع على أرضها النطيحة والمتردية من خونة الأوطان؟.. أم أن الموضوع خارج السيطرة، كما يحدث في أماكن متفرقة على سطح المخروبة؟.. هل هي عصابات مافيا عابرة للحدود تعمل في كل ما يدر المال أم هي أدوات مخابراتية متعددة القناعات والأقنعة؟.
سكان أجور رود يخبروك بالكثير عن دهاليز هذا الشارع انطلاقاً من تصدير الانتحاريين إلى تجهيز الجواسيس مروراً بكل الأعمال القذرة.. في محلات هذا الشارع من الطبيعي أن تجد صورة لحسن نصرالله أو خامنئي أو المالكي أو العبادي أو عبدالملك الحوثي، لأن المطاعم والمحال ليست مكاناً للربح فقط، بل هي واجهات سياسية لأشياء أكبر وأخطر.
كل ما تقدم أسئلة تلمست أجوبتها، ولكن تبقي الأجوبة الرسمية هي الفيصل.. لأننا كخليجيين نأكل في المطعم الإيراني، ونتحدث في مساوئ خامنئي ونظامه بصوت مرتفع تطبيقاً للمثل القائل: من الحكمة.. أن تتغابى بعض الوقت..!!.
- محمد العرب