أحمد بن عبدالرحمن الجبير
قرأت تحقيق صحيفة (الجزيرة المميزة) عن إيقاف الاستقدام مؤقتاً، من أجل توطين الوظائف ووجدت بأن سوق العمل يحتاج الى إعادة تنظيم وهيكلة، يتم فيه توطين الوظائف من جانب، ومن جانب آخر الاستفادة من الكفاءات الاجنبية التي يحتاجها السوق بمنحها الاقامة الدائمة، وفي هذا المجال قرأت ما قاله باني نهضة سنغافورة السيد(لي كوان يو) عندما قدم للرياض عام 2008م، وسئل عن العمالة والتوطين.
كانت كلمات السيد (لي كوان يو) واضحة ورائعة، بضرورة الاعتماد على الاستثمار في الانسان السعودي، ولا مانع من الاستفادة من الكفاءات العالمية وفقا لحاجاتنا، فتوطين الوظائف حاجة وطنية، ولكن يجب ان تكون مدروسة، وأن يقوم القطاع الخاص بدور استثنائي في هذا الجانب فالاهتمام بالشباب، وريادة الأعمال، وما تقوم به (مؤسسة مسك الخيرية) مؤشر ومشجع على مواصلة الطريق، وحبذا أن يكون لدينا تخطيط مرحلي مسبق لهذا التوطين.
ففي الدول المتقدمة تشرف هيئات كثيرة، ومؤسسات مجتمع مدني على توظيف مواطنيها، وعمل البرامج التدريبية والتأهيلية والمهنية لهم، لذا يفترض أن يكون لدى (هيئة توليد الوظائف) رؤى وخطط استراتيجية مبنية على مؤشرات مستقبلية لحاجة سوق العمل، وتوطين الوظائف، لأن البطالة في بلادنا أصبحت لا تقتصر على خريجي الثانوية العامة فقط، بل تجاوزت ذلك، لتصل إلى من يحملون المؤهلات العليا.
كما أن الاعتماد على المكاتب الاستشارية الأجنبية والتي ليس لها معرفة بالظروف المحلية خلق ضعفاً في دراسة حاجات سوق العمل، ورؤية سوق العمل بوضوح، وأصبح الأجنبي خبيراً بمشكلاتنا قبل المواطن، وايضا الوعود السابقة عن التنظيم، وعن وحدة المرجعيات، وشركات الاستقدام والضوابط.
هناك استغلال لحاجات الأسر وللمؤسسات والمنشآت التجارية والبنوك، وشركات المقاولات الوطنية، وكلنا يعرف أن ارتفاع الأسعار يضرب سوق العمل، والتكاليف في ارتفاع دائم وحاد، ولكن ما زلنا نستبشر خيراً بالعهد الجديد عهد الحزم والعزم عهد مجلس الاقتصاد والتنمية الجديد والتحول الاقتصادي2020م، والرؤية السعودية 2030م برئاسة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- وسرعة اتخاذ الإجراءات المفيدة لتنظيم سوق العمل، وتوطين الوظائف.
والجميع يتطلع إلى أن تكون هناك محاسبة، ومراقبة مباشرة، ومستمرة من الجهات الرسمية وبخاصة من مجلس الاقتصاد والتنمية، ومن وزارة الخدمة المدنية، ووزارة العمل، وعلى المؤسسات العامة والخاصة دعم الموارد البشرية الوطنية بكوادر سعودية، وخلق بيئة عمل قائمة على العدالة، والمساواة في التوظيف، لتكون معايير التوظيف والترقيات والحوافز، والمكافآت والتدريب، والمهمات الرسمية مبنية على أسس علمية.
نحن بأمسِّ الحاجة لوضع الحلول لتوطين الوظائف، وأصبح التوطين واحد من أخطر المشكلات التي يعاني منها الفرد والمجتمع، وسبباً رئيساً لمشكلة الفقر، وانتشار الجريمة، لذا يجب وضع الحلول، واستغلال الطاقات المتاحة بشكل أفضل، والسعي إلى تفعيل (هيئة توليد الوظائف) للشباب والشابات ومساعدتهم في الحصول على الوظيفة المناسبة.
ويحتاج الأمر إلى تعزيز الدوافع لدى المواطن، والمواطنة لكي يباشروا أعمالهم الخاصة بأنفسهم وعدم الاعتماد على الدولة، او العمالة الاجنبية، والسعي إلى تقليص عدد العمالة في قطاعات الادارية والمالية، بحيث يمكن أن يشغلها سعوديون، وبذلك نحقق أهدافاً عدة في هدف واحد إضافة الى عوامل الرقابة، والمتابعة المختلفة، ومع ذلك لا نلقي الاتهام على الأجنبي الوافد بقدر ما يجب أن نعزز قيم المواطنة لدى المواطن السعودي بما يدعم التوطين.
وعلينا ايقاف بعض التخصصات الجامعية والاستعاضة عنها بالتخصصات العلمية، والتقنية والاقتصادية، والادارية التي تتناسب والرؤية السعودية 2030م، ويفترض التأكيد على جميع الشركات والبنوك والمؤسسات التجارية بعدم استخدام العمالة الأجنبية في الوظائف الإدارية والمالية والمحاسبة، والخدمات، وقصر العمل في محلات بيع المواد الغذائية، والكهربائية والبناء والكمبيوتر، وقطع الغيار على المواطن، ودعم توظيف المواطن السعودي بكل قوة استجابة لنداء الملك سلمان - حفظه الله - الذي طالب فيه الجميع بإيجاد فرص عمل لجميع المواطنين.