ثامر بن فهد السعيد
نجح أعضاء أوبك بقيادة أكبر منتجيها من النفط السعودية في مفاجأة سوق النفط عالمياً، وذلك بعد أن شهد العالم بنهاية شهر نوفمبر اتفاق أعضاء أوبك حول تخفيض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يومياً لينخفض إنتاج المنظمة إلى 32.4 مليون برميل يومياً بمجرد تفعيل هذا الاتفاق. استقبلت أسواق النفط نايمكس وبرنت هذه الأنباء بحماس وزخم عالي حيث قفزا بنسبة تتجاوز 9% ليتجاوز نايمكس 50 دولاراً وبرنت تجاوز 52 دولاراً.
يعد اتفاق أوبك هذا هو الأول في المنظمة بعد لقاءات عدة لم يتوصل فيها المجتمعون إلى اتفاق، وذلك منذ العام 2008 وحتى بداية تراجع أسعار النفط في شهر سبتمبر من العام 2014، ومنذ ذلك الوقت والجهود من أعضاء المنظمة حثيثة وعالية في محاولة الوصول لاتفاق في الوقت الذي تفاجأ فيه المجتمع النفطي بأن السعودية المنتج الأكبر في أوبك بدأ يتعامل مع أزمة الأسعار بشكل مختلف عن ما كان يحدث تاريخياً، فبدل أن تخفض السعودية إنتاجها لحماية الأسعار شاركت العالم موجتهم في زيادة الإنتاج بنية واضحة نحو حماية حصتها السوقية بل زيادتها في ظل سوق أصبح يعاني من فائض المعروض من النفط حيث يبلغ الإنتاج العاملي تقريباً 93 مليون برميل يومياً 30% من أوبك، ويبلغ الاستهلاك العاملي تقريباً 91 مليون برميل، فائض مليوني برميل وتطور التقنية أسهما في تذبذب الأسعار الذي شهده العالم، لذلك اليوم منظمة أوبك وبخطة وضعتها السعودية خفضت ما يقارب 60% من الفائض النفطي.
عندما تراجعت أسعار النفط كانت منصات النفط الصخري الأمريكية يتجاوز عددها 2000 منصة، ومع نهاية هذه الموجة من التراجع أصبحت منصات النفط الصخري الأمريكية في حدود 440 منصة، اليوم في ظل ظرفين مهمين في السوق الأمريكية أولهما تعافي أسعار النفط وثانيهما فوز ترامب بالرئاسة قد تتغير المعادلة وتزيد أعداد المنصات هذا إذا افترضنا انضباط منتجي أوبك وخارج أوبك بالاتفاق، لماذا تزيد منصات النفط الصخري؟ لأنه ومن متابعة تحرك أعداد المنصات فإنها تنتعش وتزداد كلما حافظت الأسعار على ثباتها فوق 50 دولاراً، واليوم العالم أخذ خطواته لحماية الأسعار، وهذا ما شأنه دفع متوسط الأسعار من مستوياتها حالياً 47 دولاراً إلى ما يتجاوز 50 دولاراً للعامين القادمين، أما فوز ترامب فأعتقد سيكون له أثر في خفض تكلفة الإنتاج خصوصا إذا ما اتجه فعلاً نحو تخفيض قيود البيئة واتفاقياتها. وهذا بدوره سيحفز الإنتاج ويخفض التكاليف للشركات.
أخيراً أقول نجحت أوبك في تخفيض إنتاجها وتحفيز السوق وأعتقد أن هذا سيحفز حتى المنافسين وعليه سنعود للحال نفسها من التذبذب وعدم اليقين إذا ما تعافى الطلب العالمي على النفط ويكون هو المحرك الرئيس للأسعار. والأمر الجيد أن الاستطلاعات تشير وذلك قبل خفض الإنتاج إلى أن المعروض النفطي الفائض في 2018 سينخفض إلى 330 ألف برميل يومياً فقط، وهذه لوحدها من البشائر مع مراقبة المنافسة.