ميسون أبو بكر
تقاس نهضة الدول وتقدمها وازدهارها وصحتها العقلية إن جاز التعبير بتقدمها الفكري وانتعاش مشهدها الثقافي والفني وإنجاز مبدعيها وشعرائها وفنانيها وحضورهم في المشهد المحلي وعلى خارطة المشهد الثقافي العالمي.
فلطالما كان الأدب سفيراً إلى ثقافة الآخرين، والشاعر نورسا مسافراً بين بحور القصيدة وشطآن الحياة وكانت الترجمة الأدبية شرياناً ناقلاً لإبداعات الآخرين، وقد استطاع الأديب السعودي الحضور في الفعاليات المختلفة في وطنه وفِي مناطق المملكة المختلفة عبر مهرجانات الشعر وملتقيات الرواية ومنصات التكريم والأسابيع الثقافية السعودية في الخارج وضمن ندوات معارض الكتب العالمية التي شاركت بلاده فيها، وكُرِّم بعض الفنانين في قارات أخرى لأن الفن يوحّد كل اللغات على ذائقة واحدة تعشق الإبداع وتتهجاه.
الرياض التي احتفلت بالمطر لأيام متتالية الأسبوع الماضي واحتضنت سماؤها الغيوم وفرحت أرضها بهدايا السماء احتفت أيضاً على أرضها بمؤتمر الأدباء السعوديين الذين من خلال عملي في المجال الإعلامي الثقافي لسنوات جعلتني أشد قرباً للمبدعين وأعرف تمام المعرفة كم هو هذا المؤتمر عرس أدبي ثقافي ينعش رئة المثقف ويهدهد روحه المتعطشة لمساحة من البهجة يلتقي فيها بأقرانه من كل مناطق المملكة ويعرض منتجه الإبداعي في تظاهرة ثقافية يُنجحها حضوره وأسلوبه وتفاعله.
الأدباء السعوديون يجتمعون في ليلة تكريم ووفاء لبعض رموز الثقافة في المملكة تحت قبة مركز الملك فهد الثقافي الذي يعتبر ملتقى دائم لفعاليات مختلفة وقد يكون مسرحه الكبير الأنسب لعرض المسرحيات والأفلام السينمائية، وقد أشار له أحد ضيوف المؤتمر أنه المركز الثقافي الذي يمكنه أن يغني عن الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، وهذا الجدل القائم منذ فترة وهو بين معارض ومؤيد أن تلغى الأندية الأدبية ويكتفى بالمراكز الثقافية بدلاً منها.
تنوعت الجلسات واحتوت مواضيع عديدة غلب عليها الطابع الأكاديمي، وقد كان من الضروري عقد ورش عمل بين الأدباء في مواضيع مختلفة يرتبون بها شؤونهم ويتعاكظون في مؤتمرهم هذا.
الأمسيات الشعرية أنعشت الشعراء والمطر كان كموسيقى رافقت قصائدهم وهدهد مخيلاتهم والرياض هي المدينة الفاضلة التي حضر مع المطر عشاقها القدامى كترنيمة حب رقّت ملامحها كما حضر مكرمون تَرَكُوا بصمتهم في المشهد الثقافي كمعالي د. عبدالعزيز خوجة وسعادة الدكتور الدكتور عبدالرحمن الشبيلي والشاعرة فوزية أبو خالد وزاهر عواض الألمعي كما سعادة الدكتور عبدالعزيز السبيل الأمين العام لجائزة الفيصل حالياً ووكيل وزارة الثقافة والإعلام سابقاً الذي احتفظت الذاكرة الثقافية بجهده وأثره في المشهد.
لعلني استحضر الجزء الذي سأتوقف عنده من كلمة معالي وزير الإعلام د. عادل الطريقي «إن المسؤولية الملقاة على كاهل الأدباء كبيرة في هذا الوقت الذي يشهد تحولات كبرى في مختلف المجالات تستوجب التعامل معها بإحساس المواطنة الحقة».
وأقول إن المثقف هو أساس التنمية الفكرية في بلاده وخير موجّه لثقافة الشعب، وتحتاج البلاد جهده في زمن غوغائية الثقافة المشوهة التي تبثها قنوات التواصل الاجتماعي، التي صنع المتداولون عليها نجومية كبيرة لثقافة ومضمون ضحل بل مشوه في أحيان كثيرة.
الإصدارات التي احتلت ركنا متميزاً في مقر الجلسات وإقامة ضيوف المؤتمر كانت تشعر بالفخر تجاه نتاج فكر الأدباء وتنوع العناوين وجهد الأندية الأدبية في طباعة النتاج الإبداعي للمثقف.
لا يمكن أن يكون النجاح حليف أي فعالية بدون تكاتف عناصر مختلفة تشكل مكونات هذا النجاح، وقل اعملوا فمن سار على الدرب وصل.