د.محمد بن عبدالرحمن البشر
في التلاقي بين الصالحين صلاح، وفي اللقاء على المحبة والسلام فلاح، وفي التعاون في سبيل التنمية نجاح، وما بين المملكة والامارات ضرب من هذه الضروب، وسد لردع الخطوب، وتقريب بين الغايات والقلوب، فلله درها من قيم، وما أروعها من شيم، بناها التاريخ فبنته، وجلاها فأظهرته.
لم لا والقائمون عليها أفذاذ، يطيب أن يقال فيهم من القول ما يؤنس الجليس، ومن الشعر كل نفيس، قال القائل:
الست الموالي فيك غر قصائد
هي الأنجم اقتادت مع الليل أنجما
ثناء يظل الروض منه منور
ضحاً، ويخال الوشي فيه منمنما
ولما لا، والأيدي جناها شهد، وشذاها عنبر وورد.
طاب اللقاء إذا طابت الأفعال، وتجسدت الأمال، فالآراء كالمرائي إذا جليت، والسيوف إذا انتضيت، فلا غرو أن يكون النتاج زلال، والطالع وارف الإهطال.
هذا العصر الزاهي بالعلوم، يحتاج إلى ذوي حلوم، ولقاءات مثمرة، ونتائج مؤثرة، وهو ما يتم بين القيادتين، ورجال الدولتين، والحمد لله رب العالمين، ونحن نرى اللقاءات التي تغرب عنها الشمس في الغرب، والمشاورات التي تتم عن قرب، ويحدث ذلك عند حدوث حادث، أو أمر بحل دون توقعات، ونحن نعلم أننا في زمن تقاربت فيه الأمم، وتباعد وتناغمت فيه القيم، فكان لزاماً أن يجتمع الفاعلون بين الفينة والأخرى، فنحن والحمد لله في الدولتين أصحاب مبادى ثابته، وأخلاق راسخة، بنيت على الإسلام، الذي جاء به رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، وهو القائل: «إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق».
فعند العرب من مكارم الأخلاق الكثير، والتي في مجملها تتقاطع مع القيم والأخلاق الإنسانية في أنحاء العالم، وجاء الدين الحنيف، ليزيل منها العمس، ويجلو عنها الغبش. فأصبحت تلك القيم ناصعة البياض، زكية الأطياب.
العالم اليوم يتقارب ويتباعد، ويتجاذب ويتباين، ويروم الاقتراب، فتأتيه من المنغصات ما يكدر الصفو، ويبعث على الحذر، ثم لا يلبث أن تهب نسمة رقيقة، تزيل ذلك الكدر، وتتعد ذلك الشرر.
العالم اليوم متفق على أن الإرهاب داء يجب استئصاله، وضلال يجب استبداله، وها نحن نشاهد المملكة والامارات ودول الخليج جميعاً على رأس المحاربين له، المقاتلين مع غيرهم ضده، المجاهدين بأنفسهم وأموالهم لصده، ليس عن بلدانهم فحسب بل بلدان العالم أجمع.
والمملكة أكثر الدول معاناة من الإرهاب، وأكثر الدول محاربة له، وهي تتعاون مع العالم أجمع بكل قدراتها لاقتلاعه أينما كان، ومهما كانت مسمياته، ومهما كان لون لباسه.
ونحن نعلم أن كل ذي نعمة محسود، وذراع أولئك الطامعين ممدود، لكنها والله ذراع طامع مشلولة، ويد كاشح مكبوله، ومع ذلك فإن للغاوين مأربا، وظنوا أنه سيكون لهم لدينا مشرباً ومجلباً، وهيهات هيهات. ففي المملكة والإمارات سيوف أسود تزمجر، وسيوف تبتر، وأقول لأولئك الغاوين:
ما كان أحوج ذا الكمال إلى
عيب يوقيه من العين
ومع أنني لا أذهب مذهب من يفسر كل ما يريبه، إلى عين تصيبه، إلا أن جمال البيت جعلني أستشهد به لبراعة معناه، وانطباقه على ما أردناه.
والعلاقات بين المملكة والإمارات متطابقة في جميع قضايا المنطقة والقضايا العالمية، وما أبلغ من أن تختلط الدماء في بلد شقيق، عطفا ورعاية وحرصا على شعب كريم أبت دماء الشهداء إلا أن تمتزج لخدمة الإخوة الأعزاء، وعودة الشرعية إلى أهلها ليعيش الجار في أمن وأمان، مثل سائر جيرانه من دول الخليج، وهكذا كانت سياسة المملكة والإمارات سلام، ومحبة، ووئام، ومحاربة للإرهاب، وستظل كذلك لأنها جبلة موجودة، وقيم موروثة، لا تحيد عنها الدولتان.