رقية سليمان الهويريني
إن ما يميز مدينة الملك سلمان للصناعات التعدينية في رأس الخير عن غيرها من المدن الصناعية؛ كونها تعد أحدث مدينة صناعية في المملكة، أما أهمية الميناء فتكمن بوقوعه في منطقة صناعية جديدة ذات إنتاجية متنوّعة مما يشير لمستقبل ضخم في اقتصاد الوطن.
أما الجديد في هذا المشروع الضخم فهو تسجيل أول نجاح لتضامن الجهود الحكومية مع شركات القطاع الخاص ليكون على مستوى المنافسة العالمية المتميزة بجودة المنشآت والإنتاج، ذلك المستوى الذي بدأ يفرض نفسه على الأسواق العالمية. والشراكة الجادة بين القطاعين تؤكّد نجاح التوجه الجديد بالتوسع في المجال الصناعي كسياسة التخصيص التي اتبعتها المؤسسة العامة للموانئ مؤخراً في تشغيل وتطوير الموانئ تماهياً مع رؤية المملكة2030 التي تسعى حثيثاً بتسريع الخطى لتحقيق أهدافها المنشودة.
ولا شك أن مدينة الملك سلمان للصناعات التعدينية في ميناء رأس الخير الصناعي التي بدأ إنشاؤها عام 2008م والتي تعد أحد شرايين الاقتصاد السعودي لتغذية المشروعات الحيوية المنفذة في المنطقة؛ تمثِّل داعماً للشركات الصناعية التي تقدَّر تكلفتها بحوالي 130 مليار ريال، حيث سيتم عن طريقه تصدير منتجاتها إلى الأسواق العالمية.
المفاجأة أن مشروع محطة الحاويات الثانية بميناء الملك عبد العزيز بالدمام تم تمويله بالكامل من قبل القطاع الخاص، عبر نظام البناء والتشغيل وإعادة الملكية (BOT) على أساس مشاركة المستثمر مع الحكومة في الدخل، وتم رفع الطاقة الاستيعابية لمناولة الحاويات إلى حوالي أربعة ملايين حاوية سنوياً، مما يشير إلى أن هناك تنامياً متوقّعاً في حركة الحاويات في السنوات المقبلة، وهذا يزيد الثقة في اقتصادنا ويشعرنا بالاطمئنان لوضعنا واستقرارنا المعيشي، ويعبّر عن انطلاقة مدروسة ملؤها الوعي لتحقيق التنويع في مصادر الدخل الاقتصادي بما يتوافق مع الرؤية السعودية التي تعتمد بالأساس على الصناعة وتوطين التقنيات الحديثة وإيجاد الفرص لتوظيف الشباب السعودي المؤهل، وتطويع التقنية لنقل المواطن من مستهلك للسلع إلى منتج ومصدّر لها.
إن تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ورعايته لهذا المشروع إنما يؤكّدان تشجيعه - حفظه الله- لهذا التحوّل الفكري نحو الصناعة وعدم الاكتفاء بإنتاج البترول، وهذا التحوّل يجعلني أتطلع لإنشاء أكاديميات صناعية تساهم في جذب الشباب وتأهيلهم وتوطينهم، وبناء المدن السكنية الحضارية، وتوفير كافة الإمكانات لهم، وبالتالي تولي الكفاءات للقيادة والإدارة في هذه المنطقة التي أرجو أن لا نتوقف عندها، بل تكون انطلاقة لبناء مدن صناعية تعدينية وتقنية مماثلة.