أحمد محمد الطويان
المثل الإيراني الفارسي الشهير «اذبح بالقطنة» لا يمكن للخمينيين العمل به، إذا كان مواجهة الفعل العربي الأصيل «اذبح بالسيف».. أي لن يواجه الخليج قطنة الخمينيين بقطنة رخوة، بل بما شعرون به من حدة سيف مهند لا غمد له.. نعم لن يفضل الخليجيون الحرب، ولكن للمواجهة أشكال كثيرة، تعيشها المنطقة وتتعايش مع لهيبها، والواقع السياسي الحاضر بعثر أوراق طهران وجعلها تضيع البوصلة.
منذ 1979 والخليج يعرف بأن المواجهة مع هذا النظام ليست بعيدة، رغم العمل الجاد على التهدئة، والتعامل مع «القطنة» التي زعم الإيرانيون بأنها قاتلة، بقطنة لينة ترقق وتهدئ، ولكن لا جدوى. تعامل الإيرانيون مع الحكمة الخليجية بمنطق أهوج، وأعتقد صناع السياسة في طهران، إذا افترضنا أن لطهران سياسة، أن الخليج ضعيف وفاقد للقدرة على المواجهة. ورغم التقلبات التي سادت العلاقة والتي كان البادئ فيها ومحدثها النظام الإيراني، كان الخليج أكثر صدقاً ورغبة في بناء علاقة إيجابية، وقابلت الخطاب الإيجابي للرئيس هاشمي رفسنجاني بالترحيب في عام 1997، ووقع الخليجيون والإيرانيون 42 اتفاقية نظمت العلاقات في مختلف جوانبها وغطت الفترة بين 1997 و2002، ومنذ وصول أحمدي نجاد إلى الحكم وهو محسوب على التيار المتشدد ضمن المحافظين بدأت العلاقات تأخذ منحىً سلبياً، وبدأت إيران تظهر ثوريتها في علاقاتها مع جيرانها، وباستخدام المرشد خامنئي للمتشددين في السلطة التنفيذية، أصبح لما يسمون بـ»الحجتية» صوت وتأثير بقيادة آية الله مصباح يزدي وهو من أكثر المتطرفين الملالي شراسة، ويعتبر موجهاً روحياً للرئيس أحمدي نجاد، ويعتمدون مبدأ إثارة القلاقل والقتل والفساد للتعجيل بخروج الإمام الغائب بحسب زعمهم.
مع زيادة التدخلات الإيرانية في الخليج وتكثيف العمل الاستخباري، وتبني الخطاب المتشدد الذي يستقطب الأقليات الشيعية، وإنشاء مواقع نفوذ إستراتجية في مناطق جغرافية مختلفة، تحرك الخليج وخصوصاً السعودية لمواجهة الحرب الاستخبارية والإعلامية، ولتحافظ على أمن منطقة لا تحتمل المزيد من الأزمات خصوصاً مع الدخول الأميريكي للعراق، واستعار القاعدة في اليمن، وانطلاق الخطاب الحوثي التحريضي، وانشغال الدول الكبرى عن إيران، والاتفاق غير المعلن بتسليم إيران ملف الشيعة العراقيين لتهدئة الوضع المتفجر.
السعودية واجهت إيران بكل قوة، بعد أن أبقت شعرة معاوية، وتلبست صبر الحسين، في كل مراحل الجنون الثوري الإيراني.. في المرحلة الحالية تحاول إيران لملمة جراح لم تتوقع أن تصاب بها، وها هي تنظر بكثير من الترقب للخطوات السعودية الضاربة بعد تدخلها بقيادة قوة خليجية لحماية البحرين في 2011، وزيادة الاهتمام بالدول الإسلامية خصوصاً في إفريقيا وآسيا، وفضح الممارسات الإيرانية أمام المجتمع الدولي، وأخيراً توجيه ضربة قاصمة للمليشيات الحوثية المدعومة من إيران في اليمن، والعمل السياسي الرشيق في كل من لبنان والعراق.. وبعد فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب يضرب الإيرانيون أخماساً بأسداس، فلا يعرفون ما مصير استثمارهم السياسي في أوهن عصور البيت الأبيض في عهد الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، وهو من منحهم الاتفاق النووي المخزي.
العيون تتجه إلى القمة الخليجية المرتقبة في المنامة ولجولة خليجية يقوم بها الملك سلمان، وقد يُقر ما لا تحبذه إيران، ويزيد جراحها وتداعي آمالها الخمينية الفارسية.