عروبة المنيف
تزداد يوماً بعد يوم مخاطر الشبكة العنكبوتية لقدرتها على نصب الأفخاخ وصيد المزيد من الضحايا، ومع التسارع في تطور تلك الشبكة وعدم وجود توعية مواكبة لهذا التطور في كيفية الاستخدام السليم للانترنت تتفاقم تبعات تلك الشبكة السلبية التي تشمل الجميع وعلى الأخص الفئة الأضعف في المجتمع، النساء والأطفال.
إن قضية الابتزاز من القضايا الرائجة التي وجدت طريقها عبر الشبكة العنكبوتية، فنصبت شباكها للفتيات السذج فوقعن في حبالها حتى أحاطت تلك الشباك رقابهن لتصل إلى الدرجة التي بها يُقتلن من قبل ذويهن، أو يقمن بإنهاء حياتهن بالانتحار، ولا سيما أن العادات والتقاليد في مجتمعنا محافظه جداً حتى إن «صورة لفتاة» بدون حجاب من الممكن أن تكون وسيلة ضغط كبيرة عليها مقارنة مع فتاة أخرى في مكان آخر. وتشير الإحصائيات إلى أن 74% من حالات ابتزاز النساء تكون وراءها مطالب جنسية! بينما تشكل الدوافع المادية ما نسبته 14% من الحالات وتشكل العازبات غالبية حالات ضحايا الابتزاز بنسبة تصل إلى 85%.
تتعرض النساء للابتزاز نتيجة عوامل عدة تشمل تدني الوعي لدى المرأة في سبل الوقاية من الابتزاز الذكوري وعدم معرفة الجهة المخولة التي تلجأ إليها عند مواجهتها لتلك المعضلة، ولا يخفى الفراغ الروحي والوقتي لدى الفتيات ودوره في وقوعهن فريسات للابتزاز، وتشير الدراسات إلى أن 33% من حالات الابتزاز للفتيات هي بسبب ذلك الفراغ، فعدم توافر وسائل ترفيهية وأنشطة مختلفة للمرأة واقتران ذلك بغياب الانفتاح الأسري والمكاشفة بين أفراد الأسرة وخصوصاً بين الفتاة ووالديها جعل الفتاة تلجأ لتلك الشبكات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لتقع في حبائل صيادي الشبكة المحترفين، ويزيد على ذلك انتشار «ثقافة العيب» في المجتمع ما يجعلها تقوم بتقديم المزيد من التنازلات حتى لا ينكشف أمرها أمام أسرتها لتكون المصيبة أعمق والخطر المحدق بها أكبر.
لتفادي تداعيات الابتزاز الخطيرة والوقاية منها يتوجب التشديد على أساليب التوعية المستمرة للفتيات من خلال القنوات المؤسساتية والمجتمعية وخصوصاً في السن المبكرة والمراهقة وتحذيرهن من ناصبي الشباك الإنترنتية وأساليبهم الابتزازية حتى تدرك الفتاة حجم مسؤوليتها وبأن المجتمع لا يرحم. إن الأسرة كنواة للمجتمع لها دور محوري في تفهم احتياجيات الفتيات، والوقوف بجانبهن لحمايتهن من حبال تلك الشبكات وصياديها المجرمين، فقد تبدأ قضية الابتزاز «بصورة» للفتاة لتنتهي بالقتل أو الانتحار نتيجة تخوف الفتاة من تبعات الأحكام الأسرية والمجتمعية، ويزخر مركز رعاية الفتيات بمن تورطن بقضايا الابتزاز ورفضت أسرهن استلامهن تاركتهن لمصائرهن المؤلمة.
إن مجلس الأسرة كإحدى الكيانات المؤسساتية الحديثة يتوجب عليه لعب دور هام في التوعية، توعية الأسرة «الوالدين»، في أهمية المكاشفة والانفتاح مع بناتهم والوقوف بجانبهن، في التنسيق مع مؤسسات التعليم لنشر الوعي بين الفتيات، فالخوف والترهيب يقود دائماً إلى الكذب والمراوغة وبالتالي المزيد من الأفخاخ للفتيات ولأسرهن وللمجتمع بأكمله.