يوسف المحيميد
كنت كتبت قبل أمس عن التعدين، وقمت بنزهة سريعة فيه، ذكرت أهمية مدينة رأس الخير للصناعات التعدينية، ودور المصانع المختصة في المدينة في القيمة المضافة، والمنتجات الوسيطة والنهائية، بالإضافة إلى أثر كل ذلك في تنويع مصادر الدخل للدولة، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن جعل هذه المدينة الصناعية التعدينية نواة لمدينة تضاهي مدينتي الجبيل وينبع، بما توفره من فرص وظيفية للمواطنين.
وما يجدر الإشارة إليه هنا في هذا المشروع الضخم الذي يفتتحه اليوم خادم الحرمين الشريفين، هو البنية الأساسية التنموية التي لا ترتبط بمدينة رأس الخير وحدها، وإنما يعمّ خيرها للمدن الأخرى، فمثلاً محطة التحلية والإنتاج الكهربائي تنتج أكثر من مليون متر مكعب من المياه المحلاة يومياً، تستفيد منها مدن الرياض والمجمعة وشقراء والغاط والزلفي وغيرها، وكذلك قطار الشمال بشبكة خطوط حديدية بلغت 2.750كم، مختص بنقل الركاب والبضائع، فضلاً عن قطار التعدين، فهذا المشروع الحلم كان هاجس المواطنين في التنقل بيسر وأمان بين مدن مملكة مترامية الأطراف، خاصة مع الازدياد السكاني، وعدم قدرة خطوط الطيران على الوفاء بحاجة المواطنين في السفر الداخلي، ومن مشروعات البنى الأساسية المهمة أيضًا، إنشاء ميناء رأس الخير، وهو ميناء ضخم بنحو 12 رصيفاً، طاقتها الاستيعابية تقدر بنحو 35 مليون طن سنوياً، كما يضاف إلى ذلك البنى الأساسية لمدينة رأس الخير نفسها من مدينة سكنية ومحطات كهرباء وتحلية وصرف صحي وكل ما يجعل منها مدينة متكاملة تضم الآلاف من الموظفين والعاملين في مختلف جهاتها.
إن مثل هذه المشروعات الضخمة لاستثمار الثروات الطبيعية، كالمعادن مثلاً، لا يمكن أن تتحقق من غير إرادة حقيقية، وتمويل ضخم، واستثمار جاد في الثروة البشرية الوطنية، فهذه الثروة من أبناء الوطن، كما طوّرت قطاع البترول وصناعته، وقادت قطاع صناعة البتروكيماويات، ستقوم بذلك حتماً، وتسير بالتعدين إلى آفاق جديدة واسم عالمي جديد، بما يعود على الوطن، ويحقق له التنويع الاقتصادي المنشود.