د. ناهد باشطح
فاصلة:
((الفهم :التفكير، وإدراك الأشياء على حقيقتها))
-حكمة عربية-
مع أني من أنصار التقنية وأحترم كثيرا وجودها في حياتنا، إلا أن من منغصاتها اعتيادنا عليها وإصابتنا بالتوتر حينما تتعطل ويترتب على ذلك ضياع الوقت والجهد.
تأخرت في إرسال مقالتي هذه إلى الجريدة بسبب أن جهاز «اللاب توب» تعطل وتبعه تعطل جهاز المحمول وقد اعتدت أن أكتب على شاشة المحمول بينما أقرأ وأبحث في جهاز الجوال حين الكتابة.
وجدت نفسي لا أستطيع التفكير في أية حلول فالتوتر أزعجني.
والإشكالية أنه حين التوتر والقلق فإنه من الصعب على الإنسان أن يفكر بشكل جيد هذا بالفعل ما اكتشفه العلماء.
ولما نفذت كل آمالي في إصلاح اللاب توب وهو الأهم في هذا الوقت قررت أن أستعير جهاز اللاب التوب الخاص بإحدى بناتي.
ولكن الذي لم أعمل حسابه أن الجهاز ليس به أحرف عربية فاتجهت إلى استعارة جهاز آخر.
وهناك إشكالية أخرى نستطيع أن نقول إنها نتاج التكنولوجيا الحديثة واعتمادنا عليها.
من المعروف أن لكل كاتب طقوس معينة في الكتابة وليس من السهل أن يكتب في أي وقت وأي مكان أو أي لباس.
هناك أدباء لا يكتبون إلا في الليل مثل محمد حسنين هيكل, والأديب مصطفى صادق الرافعي, وهناك من لا يكتب إلا في الصباح مثل الصحفي مصطفى أمين والأديب نجيب محفوظ.
والبعض الآخر لا يستطيع الكتابة إلا عندما يشرب المنبهات مثل الروائي الفرنسي بلزاك, والرافعي, ونجيب محفوظ, وأسامة أنور عكاشة، لكن التكنولوجيا أضافت صعوبة أخرى وهي أن يكتب الكاتب في أي جهاز لم يعتد استعماله.
اكتشفت أن هناك أحرفاً لا أستطيع كتابتها بالعربي في هذا الجهاز مثل حرف الذال فاستبدلته بحينما ثم اكتشفت أن هذا ليس حلا ولا بد أن هناك طريقة لكتابة هذا الحرف.
التفكير في حل مشكلة الأحرف يشتت الذهن ولا يمكن للكاتب أن يكتب بوضوح أي فكرة وذهنه مشغول بالأحرف والجهاز.
ممارسة الكتابة ليست عملاً صعباً خاصةً إذا كانت الفكرة واضحة في الذهن والأفكار على قارعة الطريق كما كان يقول الجاحظ.
لكن الكتابة أيضاً ليست عملاً سهلاً إذا لم يكن الذهن صافياً وكان الكاتب معجباً بالفكرة التي سيطرحها.
لقد غيرت التكنولوجيا كل شيء في حياتنا حتى طريقة الكتابة التي يفترض أن أصحابها يتشبثون بطقوس ويعقدون علاقات حميمة بينهم وبين أدواتهم الكتابية فمعظم الكتاب الذين أصبحوا يستعملون أجهزة الحاسوب للكتابة يدركون أن الطقوس تغيرت وربما كانت اليوم أصعب.
حيث كثرة الخيارات في الأجهزة والأصعب حينما تكون تلك الأجهزة غريبة عنا ونضطر إلى استعمالها.