خالد بن حمد المالك
عندما يرد اسم الدكتور أحمد خالد البدلي، يتذكر الجميع أنه كان مع الدكتور العوضي أول اثنين يدرسان ثقافة وأدب وتاريخ إيران، ويتقنان اللغة الإيرانية، ثم يعودان إلى المملكة بشهادة الدكتوراه، ويلتحقان بجامعة الملك سعود ضمن أعضاء هيئة التدريس فيها.
* *
مضى على هذا الحدث العلمي قرابة نصف قرن، إذ يعد أحمد البدلي من الدفعات الأولى الذين أنهوا دراساتهم العليا خارج المملكة وتحديداً في جامعة طهران بتفوق وتميز، ومارسوا العمل الأكاديمي تدريساً وبحثاً ونشاطات أخرى ذات صلة بتخصصه خارج قاعات الدرس في جامعة الملك سعود.
* *
كنا معاً نعمل في صحيفة «الجزيرة» محررين صحفيين غير متفرغين، كانت مهمة الدكتور أحمد خالد الإشراف على صفحات الثقافة، وإعدادها، ومتابعة ما تتطلبه مسؤولياتها من قراءة وتقويم وتجهيز للنشر لكل ما يصل من مقالات ذات صلة بتخصص الصفحة.
* *
كان جاداً في عمله، حريصاً على أن تكون الصفحة الثقافية من حيث مستوى مادتها وإخراجها متميزة ومنافسة للصحف الأخرى المماثلة، ما لا يمكن أن ترى هذا الحرص والاهتمام بأي منا نحن ممن زاملوه العمل في صحيفة الجزيرة إبان تولي عبدالرحمن العمر رئاسة تحريرها.
* *
كانت الصحيفة -آنذاك- تصدر مرة كل أسبوع، وتحديداً في يوم الثلاثاء، وكان (أبو مالك) يقضي ليلة صدور الصحيفة حتى الصباح بمقرها، انتظاراً لموعد بدء الطباعة الذي كان يتم عند الساعة الخامسة فجراً، وعندما نقترح عليه أن يغادر المكان ليرتاح بعد يوم من العناء، كان يرد علينا بأن استلام النسخة الأولى من فم المطابع يماثل استلام رغيف الخبز حاراً من عامل الفرن.
* *
وكان صاحب نكتة، ومداعبة، وساخراً حتى من نفسه، ولكن بأسلوب حضاري، وطريقة مؤدبة، حتى أن جلسته لا تمل، ويود المرء ألا تنتهي، وهذا ما كان يشجعنا على السهر كما يفعل حتى الصباح في مقر الصحيفة للاستئناس بأحاديثه الممتعة، وأجوائه المرحة.
* *
هذا بعض ما يمكن أن أقوله عن الدكتور أحمد خالد البدلي، الذي فقدناه الجمعة الماضية ميتاً، وفقدناه من قبل وعلى مدى سنوات مريضاً غاب عن أنظارنا، فله منا الدعاء بالرحمة والغفران، ولزوجته وابنه مالك وكريماته وأسرته -عموماً- أحر التعازي القلبية، والصبر في فقدهم لأحب وأغلى الرجال على قلوبهم.