عبد الله باخشوين
في ((دورة الخليج)) التي أُقيمت في قطر، وشارك فيها ((العراق)) لأول مرة.. قامت قيامة الصحافة الكويتية على الفنانة ((ليلى عبدالعزيز)). أما السبب فيعود إلى أنها كانت تجلس كـ((مشجعة)) مع الجمهور العراقي بطريقة توحي بأنها من مشجعي العراق.
وفي زيارة للقاهرة بصحبة الزميلين العزيزين ((عبده خال)) و((عبدالله التعزي)) خلال فعاليات أحد معارض الكتاب.. صادف أن دعانا أحد الأصدقاء لمنزله لمشاهدة مباراة منتخب مصر في مواجهة منتخب تونس.. وكان أن قلت: ((خد بالك أنا حشجع تونس))؛ فانتفض غاضبًا، وصرخ في وجهي: ((الله.. يعني انته مبتحبش مصر)).. قلت بدهشة: ((اش دخل حب مصر في الموضوع.. دي كورة)).. قال ((برضك ولو.. الكورة هيا مصر برضه)).. قلت بضيق: ((يا عمي محبتنا لمنتخب تونس قديمة من أيام مشاركتهم المميزة في كأس العالم)).
وللحق، فإن ((التقييم السياسي)) لتشجيع ((كرة القدم)) أدهشني، ولم أجد له تفسيرًا منطقيًّا حتى الآن.. ولا أعتقد أنه منطقي.. وفي هذا أذكر أن منتخب ((المغرب)) كان يلعب مستضيفًا أحد المنتخبات الإفريقية.. وفجأة في منتصف الشوط الثاني وجدنا الجمهور المغربي الشقيق ينقلب على منتخب بلاده، ويشجع المنتخب الإفريقي تعبيرًا عن امتعاضه من طريقة اللعب ((الرديء)) لفريق بلاده.
ونعرف جميعًا أن كثيرًا من لاعبي العالم المميزين.. لا يحبون اللعب لمنتخبات بلدانهم، ويفضلون توفير جهودهم للفرق التي يلعبون لها.. وشاهدنا كثيرين منهم يبذلون جهدًا متواضعًا مع المنتخب، ويحرصون على عدم الاحتكاك خشية التعرُّض للإصابة.. ضاربين عرض الحائط بفكرة الوطنية في كرة القدم.. ويعتبرون مصلحتهم الشخصية هي الأساس.. وكثيرًا ما كنا نقرأ عن لاعبي بعض الفرق الوطنية الإفريقية الذين يمتنعون أو يضربون جماعيًّا؛ لأن إدارة منتخبات بلادهم لا تدفع لهم ((مكافآت)) مناسبة.. أو ليست لديها ميزانية لمكافأة اللاعبين.
أما نحن في الطائف.. فكان يأتي للعب لدينا الاتحاد والأهلي، أو غيرهما من الفرق الكبيرة، في مناسبات خاصة بكأس الملك.. لكنك تجد أن كل أبناء الطائف ينقلبون ضد الفرق الكبيرة التي اعتادوا تشجيعها، ويصبحون مشجعين لـ((عيال الطائف)) رغم معرفتهم المسبقة بأن ((العيال)) يمكن أن ((يأكلوا.. ستة.. ولا سبعة اقوال))، لكن حتى لو أصبحت الأهداف عشرة فإننا لم نكن نتوقف عن التشجيع... وهذا لا يمثل تناقضًا؛ لأننا نعود لتشجيعه منذ لحظة مغادرته الطائف.
غير أن هذا لا يحول ((كرة القدم)) لـ((حزب سياسي)) أو ((تيار وطني)).. ولا يسمح بتحويل فرق كرة القدم إلى أداة.. أو وسيلة للتستر خلفها لأهداف لا تتعلق بكرة القدم، وجميعنا يعرف أن رئيس الوزراء الإيطالي يملك أكبر الأندية الإيطالية ((جوفنتس))، لكن لا يوجد ولا إيطالي واحد يخلط بين تقييم عمله السياسي ونتائج مباريات الفريق الذي يملكه، لكننا كدنا نجد تحولات مريعة في طرق تشجيع الهلال والنصر منذ عهد رئاسة المرحوم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن سعود.. ونجد مثل هذا يحدث بين الأهلي والاتحاد في وجود كثير من الشخصيات الرياضية المتطرفة والمتحمسة زيادة عن اللزوم.. أما أنا فتعجبني تلك العقلية التي ترى أن مباراة كرة القدم.. لا تزيد عن كونها ((مجرد مباراة)).. لكننا لن ننسى أن هناك حربًا حقيقية نشبت إثر مباراة كرة قدم بين هندوراس والسلفادور، تُعرف باسم ((حرب الكرة)) عام 1969.