عبد الرحمن بن محمد السدحان
* تنشط في مطلع كل عام (حمَّى) الوساطة لأغراض شتَّى، بسبب حلول أكثر من (موسم)، مثل (موسم) السفر السياحي وتنامي الضغط سعياً لإحراز أيّ مقعد في أيّ طائرة متجهة للداخل أو الخارج سواء، و(موسم) الالتحاق بالجامعات والكليات العسكرية والمدنية، و(موسم) توظيف خريجي وخريجات الجامعات وما في حكمها!
***
* حتى قاعات (الأفراح) لمناسبات الزواج.. بات لها (موسم)، ولم تعد (ليلة خميس) وحدها أثيرة عند الناس لإقامة حفلات الزَّفاف.. بل صارت كلُّ ليلة في الأسبوع (ليلة خميس)، بسبب التنافس على قاعات الأفراح.. بـ(نجومها) المختلفة!
***
* إذن، فالوساطة ظاهرةٌ إنسانية تلازم الخلق في كل آن.. حيثما كانوا، والحديث عنها لا يعافه سمع، ولا ينضب له معين، تصحو وتنام معنا، ترافقنا في غدوَّنا ورُواحنا.. في سفرنا وإقامتنا، وهي تحاصرنا في مكاتبنا.. وفي مجالسنا بل وفي منازلنا، توقظنا صباحاً.. وتودعنا ليْلاً!
***
* وللناس مداخلاتٌ فلسفيّةٌ متباينة في التعامل مع الوساطة أو (الواسطة) قبولاً أو رفضاً:
* فهناك من يمارسها سرّاً وعلانيةً، في كل آنٍ، يسيَّره في ذلك هاجسُ الخوف من (البخْل بجاهه) أو (التماساً للأجر)!
* وهناك من يرفضها رفضَ مَنْ يخشى منها بأساً.. أو ملاماً، وحجته في ذلك الخوفُ أن يضيرَ زيداً أو يضرَّ عَمْرواً من الناس بشفاعته.
* ومنهم من يُخضِع حكمَه للوساطة أو عليها، بالغاية المرادة منها، فيميّز بين وساطة ترفعُ ظُلماً.. وأخرى تَدْفعُ إليه، بين وساطةٍ غَايتُها نفْعٌ لا يُرتَّبُ أذىً.. وأخرى لا تفرزُ إلاّ أذى!
***
* وعندي أنّ المرءَ السويَّ من لا يُفْرِط ولا يُفَرَّط (بتشديد الراء) في تعامله مع الوساطة.. إقبالاً أو إدباراً، فيسلك من السبل خيارها، محتكماً إلى عقله وضميره وتقديره للأمور.. في كلِّ حالةٍ على حدة، فما اطمأنَّ إليه قلبُه من الدُّروب سلكه.. وما خشي منه ظلماً أو أذىً اجتنبه!
***
* أخيراً.. الوساطة خيرٌ لا بدَّ منه.. إنْ كان مآلها خيْراً، وهي شرُّ مُسْتَطيرٌ.. متى كانت شيئاً غير ذلك، والفرق بين الموقفيْن سرٌ لا يُدركُه من البشر إلاّ ذوُ حُلمٍ عليم!
***
خاطرة
* سئلتُ مرةً، ماذا يعني لك الموت فقلت:
* الموتُ حقّ لا ريب فيه، ومنكرُه (ميّتُِ قلب) إيماناً وعقلاً ووجداناً!
* الوقوف بين يدي الميت (صحوةٌ) للحيّ من (موت) الضمير والإحساس والوجدان!
***
* وبعبارة أدقّ:
* الموت (حياة) لا (تموت)!
* وهو بطاقة سفر.. في اتجاه واحد ذهاباً بلا إياب!
* وهو (موعدٌ) لا تعجيلَ له ولا تأجيل إلاّ بإذنِ ربّ العالمين!