د. عبد الله المعيلي
في كل زمان وعلى مر العصور هناك أناس يهوون إرجاف الناس، يخوضون في الأخبار السيئة وذكر الفتن، بقصد إيقاع الناس في الاضطراب والبلبلة، وتخويفهم وإحداث الرعب في نفوسهم بأباطيل واعتقادات من خيالاتهم، أو من تحليلهم لمعطيات لم يوفقوا في الاستدلال بها على مجتمعاتهم، يصورون الأعداء بالقدرة الفائقة على التدمير والانتقام، وأنهم قاب قوسين أو أدنى من ممارسة ما يبطنون أو يعلنون من نوايا الشر، ويصفون المعنيين بالضعف، وأنه لا قدرة لهم ولا حول ولا قوة سوى الاستعداد والتسليم بما سوف يحصل لهم، أو يعدون الناس بالويل والثبور، وسوء عواقب الأمور.
فكلكم سمع وتابع عدداً من المرجفين الذين يصورون المستقبل بصور تشاؤمية مظلمة، وأن الوضع الاقتصادي مقبل حتماً على إفلاس وعجز في الميزانيات، مما سوف يترتب عليه توقف المشاريع التنموية، وإفلاس بعض الشركات وغير ذلك مما يبعث الخوف من المستقبل، وهذا هو الإرجاف بعينه، ومن المرجفين من يصر على التخويف من إيران المجوسية الصفوية، وأنهم يحيطون بالمملكة من أجل الخطوة التالية وكأن المملكة لقمة سائغة لهم.
قال تعالى: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا} (الآية 60 الأحزاب)، هذا ديدن المرجفين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى اليوم.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم» قال أبو إسحاق لا أدري «أهلكَهم» بالنصب، أو «أهلكُهم» بالرفع.
حقاً إنه الهالك لأن إرجافه ينقلب عليه كرها ومقتا من كل من تسبب في إخافته وإثارة القلق في نفسه، وجعله يشكك في قدرة ولاة أمره على حمايته وتحقيق أمنه الذي يعد من أولويات حياته ومستقبله ومستقبل أولاده.
وما زال عدد من المرجفين يخوفون الناس من إيران، ومن قدراتها التدميرية، وأنها قادمة قادمة متى ما انتهت من السيطرة على العراق وسوريا واليمن، أراجيف لا مسوغ لها ولا قيمة، أولا : لأن هذه الطغمة الضالة الفاسدة لن يقوم لها قائم أبداً، هذه حقيقة نؤمن بها تمام الإيمان فقد أخبر بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى عليه وسلم «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده» والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله.
كسرى لقب يطلق على كل من ولي مملكة فارس، ومنه يستنتج سقوط الإمبراطورية الفارسية وعدم عودتها مرة أخرى، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن هوى، بل وعد الله سبحانه وتعالى يخبر به الرسول الكريم، كي يطمئن المسلمون ويعلموا علم اليقين أن إيران الفارسية المجوسية ماض ولى ودفن مع الأموات حتى تقوم الساعة، وسقطت غير مأسوف عليها من سجلات التاريخ فغدت أثراً بعد عين.
سقط شاه إيران المجوسي الصفوي بين عشية وضحاها، رغم ما أحاط به نفسه من هالة وهيلمان وهيبة في نفوس شعبه وجيرانه، سقط كورقة فاسدة تمرغت في التراب، ومن دلائل صدق نبوة النبي الكريم، أن الشاه بقي مطارداً الكل يرفض استقباله وإيواءه، والحال نفسها تنتظر المعممين الضالين المستولين على الحكم في إيران، إنه وعد الله ولن يخلف الله وعده.
يجب على المرجفين أن يراجعوا أنفسهم، ويكفوا عن إرجافهم، فالمملكة آمنة مطمئنة محروسة محفوظة بحفظ الله، يقود سفينتها ولاة أمر كرام، متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله الكريم، تحيط بهم رعاية الله وشعب كريم يحبهم ويلتف معهم ويعضدهم في الشدائد مهما كانت.