خالد بن حمد المالك
هذه المشروعات العملاقة التي يدشنها الملك، بما تمثله من رسائل عن بقاء المملكة قوة اقتصادية ضاربة ضمن مجموعة العشرين، لا تعني أكثر من أنها رد موجع لمن يحاول أن يحاصر مستقبل المملكة الاقتصادي بانخفاض أسعار النفط، واقتصار نموها بما يمكن أن تحصل عليه من عائدات مالية من تصدير نفطها، ومن عملة صعبة بمقدار ما يتم المحافظة عليه من هذه العائدات.
* *
الملك سلمان بن عبد العزيز بسياسته الحكيمة ظل يراقب ما تتناوله وسائل الإعلام الأجنبية والعربية من تشكيك في قدرة المملكة على الصمود والثبات أمام الانخفاض الحاد في أسعار البترول، وبدلاً من أن يرد عليها بالكلام، ها هو من المنطقة الشرقية يرد عليها بالإنجازات وبالأفعال، مؤكداً على أن سياسة المملكة تعتمد على الأعمال لا الأقوال.
* *
لاحظوا قيمة هذه المشروعات الجديدة، تنوعها، جدواها، وأهمية إضافتها إلى مشروعات أخرى سبقتها على طريق بناء الدولة الحضارية التي تستثمر في الإِنسان أولاً، ثم بالمال ثانياً، ومعهما في الاعتماد على التخطيط العلمي المبرمج لتظل المنجزات تتوالى دون أن تتوقف، بهدف أن تلامس باستمرار احتياجات المواطنين ومتطلباتهم.
* *
وما دشنه خادم الحرمين الشريفين في أرض منابع الذهب الأسود من مشروعات وازن بها بين الصناعات والاهتمام بالثقافة، فأعطى للعقول حقها من الرعاية، ونظر إلى الصناعات على أنها جاذبة للعمل وفرصة للشباب كي يَخْدِموا ويُخدَموا في بيئات تتوالد منها وفيها الوظائف وفرص التدريب والتعليم، بما لا يجعل هذه البلاد بالعشرين مليوناً من سكانها السعوديين رهينة لغير السعوديين إلى الأبد.
* *
إذاً فالملك توجَّه في زيارة تفقدية وعمل إلى هذا الجزء الغالي من الوطن، ليؤكد من هذه الأرض الطيبة أن الطفرة ليست في ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط، وإنما بما يتم استثماره من عائداته قلَّت أو كثرت، في تلبية احتياجات المواطنين في التعليم والصحة والخدمات البلدية، وجعل قواتنا المسلحة ورجال الأمن والحرس الوطني وكل القطاعات ذات الصلة بحماية الوطن والمواطن في جاهزية عالية ودائمة ومؤهلة برجالها وأسلحتها لحماية الأمن والتصدي لأي عدوان.
* *
وما يعطي لهذه الزيارة التفقدية أهميتها، أن الملك سلمان بن عبدالعزيز اصطحب معه عدداً من الوزراء والمسؤولين ليضعهم (ميدانياً) أمام مسؤولياتهم في خدمة الناس، وترجمة ثقته -حفظه الله- بهم إلى أعمال تتناسب مع مكانة المملكة، وما يمثله عهد سلمان من حرص واهتمام وعزم على أن يكون امتداداً في نجاحه وإنجازه لكل ما قدَّمه من قبل ملوك المملكة السابقون رحمهم الله.
* *
أيضاً، والمواطن يتابع الزيارة الملكية، وما يتم فيها من تدشين لعدد من المشروعات، لا بد أنه لفت نظره اهتمام الملك بالمواطنين، وحرصه على أن يكون قريباً منهم، متلمساً بنفسه احتياجاتهم، واضعاً نفسه في خدمتهم، مؤكِّداً مكانتهم في وجدانه وقد وضعوا ثقتهم به حين مبايعتهم له ملكاً للمملكة، وحرصه على أن يحقق لهم كل ما هو ممكن ومقدور عليه لإسعادهم.
* *
ومن هنا جاء اهتمام المواطنين بالزيارة الملكية، ومن هنا استُقبل بهذه الحفاوة غير العادية، وبهذا الحبِّ الصادق عبَّر الجميع عن ثقتهم بقائدهم، وتثمينهم للإنجازات التي تحققت في عهده، وآمالهم بأن يتواصل هذا العطاء، وتستمر الدولة في هذه السياسة، وأن نكون دائماً على وعد وعهد مع مزيد من الإنجازات التي تضع الوطن والمواطن في قلب الحدث الجميل الذي نستحقه.