سعيد الدحية الزهراني
نظريات الإعلام التقليدي في الغالب لم تعد صالحة لتفسير الظواهر الإعلامية اليوم.. وما يلائم منها فهو بحاجة إلى مراجعات تستلزم إنتاجها بصيغ جديدة قادرة على التعاطي مع الوسائل والوسائط الجديدة.. لأن حقلها التقليدي أصلاً لم يعد صانع تأثير في هذه المرحلة التي يتسيد فعل التأثير فيها الإعلام الشبكي القائم على إعلاء قيمة الذات وتعظيم الفردانية.. التي ما انفكت تتوجس من خطابات النخب وتوجيهها للجماهير.. الأمر الذي ولّد شعورًا جمعيًا عامًا ينحى باتجاه الاصطفاف حول النجوم الجديدة التي خرجت من رحم الذات الشعبوية لتتحول إلى رموز المرحلة.. وهنا مكمن العلة المأزق.. أن يرمّز النجم ويقود الوهم.. ومن هذا المأزق التاريخي في سيرورة الحضارة تتكشف ملامح ولادة ثقافة جديدة بأبنية جديدة مظهرها وجوهرها الجماهير..
منظومة المنطق الثقافي الجديد لم تعد منظومة المنطق الثقافي السابق.. القيم الثابتة تحولت جذريًا بحيث تشكلت قيم الجماهيرية القائمة على استجابات انفعال اللحظة السريع في مقابل سمة التعقل والتأمل والتروي.. وكأننا أمام سطوة فعل الإثارة العاطفية الانفعالية والأكشن..
الشواهد على التأطير النظري أعلاه تبدأ بنجوم الإعلام الجديد وتمر بانعكاسات التسطيح المعلوماتي لدى النشء والمستخدمين في البيئة الاتصالية الإلكترونية وانتهاء بشواهد الحالة في المشهد السياسي التي يمثلها فوز الرئيس الأمريكي (الأكشني) دونالد ترامب..
هل سأم العقل الجمعي للبشرية من فشل منظومة القيم القديمة في تحقيق غايات الإِنسان.. وبالتالي جاءت الاتصالية الجديدة لتجد المناخ ملائمًا لتوليد منظومة القيم المعاكسة!
الأكيد أن رحم أسئلة الثقافة في مضمارها الجديد حبلى بالصدمة والدهشة والفزع.. والأكبد أن الإجابات على الأقل في المدى المنظور.. عقيمة..
* هذه المرحلة من عمر البشرية ليست للقيمة.. بل لما ليس قيمة!