عبد الله السمطى
هناك فوارق بين قصيدة النثر والكلام النثري الجميل قصيدة النثر يطول عليها الكلام منهجيا وفنيا وجماليا. لكن :» الكلام النثري الجميل» هو هنا المأزق والمشكلة، لأنه كثر بشكل لا معقول في السنوات الأخيرة، وأصبح يسمى نصوصا مرة، أو كتابة مرة، أو حالة مرة، بل وأدرجه البعض ضمن: قصيدة النثر مرات عدة، وصدرت له دواوين وكتب.
الكلام النثري الجميل: كلام متدفق، عاطفي سينتمنتالي، قرين الخواطر التي تسيل على أي ذهن، وأي عابر للكتابة، من الممكن أن يكتبه مراهق أو مراهقة في مدرسة، أو محب جديد لحبيبة، في دفتر أو فوق منديل أو على كارت ، أو في مقابلة وداعية.. الكلام النثري الجميل، مشاع وعام، نجده في مقالة بجريدة أو ضمن تحقيق صحفي أو في الصفحة الأخيرة لإحدى المجلات الفنية ومجلات الأزياء.
الكلام النثري الجميل: من اليسير جدا أن يكتبه أي إنسان إذا فكر في الكتابة، كموضوع إنشاء مدرسي، أو كحالة عابرة من الحالات التي تصيب القلب بالرعشة، وقد يستمر فيه أو لا يستمر، وهو لا يحمل قضية أو هما، وقد يميل إلى كتابة بعض العواطف البسيطة حول الحب، أو حول المرأة كما نجد مثلا في مجلات: سيدتي، وزهرة الخليج، واليقظة أو روتانا ... إلخ المجلات التي تقدم لشريحة من القراء بعض المكسرات والفصفصة والتسالي الكلامية. الكلام النثري الجميل: لعبة كلمات بسيطة جدا، تنتشر فيها كلمات عاطفية، مع مجموعة من الغيوم، والورد، والسهر، والدموع، والحنين ، والحضور والغياب ...إلخ لكن لا يوجد به عمق السؤال، أو استقصاء للتجربة، أو رؤية للذات والعالم، أو استبصار بالوجود، فهذا لا يشغل بال كاتبه أو كاتبته. كما لا يوجد انشغال بتطوير تجربة جمالية، أو تجديد تراكيب شعرية تترك بصمة لصاحبها أو صاحبتها، هو كلام عابر لكاتبات وكتاب عابرين يريدون الفرح بنشر أسمائهم في جريدة أو مجلة أو المشاركة في أمسية أو ندوة أو حفل توقيع كتاب أو تكريم بدرع أو شهادة ورقية. الكلام النثري الجميل، لا معاناة فيه أو مكابدة، ربما.. ربما يسمع كاتبه أو تسمع كاتبته عن شيء اسمه الشعر، أو أن هناك شعراء كبارا لهم تجاربهم في تاريخ الشعر، وأنساقه الجمالية، فيقرأ أو تقرأ ديوانين لنزار قباني أو ديوان بالصدفة لمحمود درويش أو إبراهيم ناجي .. فيتأثر أو تتأثر ببعض الكلمات . لكن تهذيب الكتابة والاحتراق في أكوانها سيظل بعدا غائبا في هذه الكتابة العفوية. والشعر ليس مجرد كلام نثري جميل، وليس مجرد خواطر.. الشعر: احتراق ومكابدة وبحث عن المجهول الأبدي عبر اللغة والصورة والمعنى والقيم الفنية المتعددة كتابة وتجريبا وعصفا خياليا. ربما للكلام النثري الجميل حضوره، ربما صدرت فيه بعض الكتب المسماة - تسامحا- دواوين، لكنه ليس شعرا، ولا يمت لعالم الشعر بصلة. مجرد كلمات وتداعيات ذهنية وخواطر من فيض الخاطر. والشعر حتى بأشكاله المتنوعة هو عبقرية كثافة، وهو سعي دائم للاختلاف، وهو بصمة ونسيج، ومواجيد لا تنتهي. كأن كل قصيدة بدء . لكن أصحاب الكلام النثري الجميل تستطيع قراءة أول نص مع آخر نص ولم يتغير شيء .. لا في نطاق الكلمات أو الصور أو الرؤية/ الرؤيا. الكلام النثري له قراؤه وكتابه. لكن لا علاقة له بجوهر الشعر مهما قدم من حالات، أو نصوص، أو كتابات أو حفلات توقيع.