نادية السالمي
في خضم الأحداث المتسارعة، والمهام المتلاحقة نحتاج ما يقلل من هذه الضغوط وتلك، ولا سبيل لهذا إلا من خلال اقتطاع فترة استرخاء بين الحين والحين، نحسّن في ثوانيها المزاج، ونستعيد مافقدناه من حيويتنا ثم نعود لروتين الأعمال التي أرهقتنا بكثرتها، وأرهقناها بالملل، لهذا علينا معرفة طريقة مناسبة لاستصلاح الأراضي لزراعة فاكهة لتحسين المزاج، واستخدام الأدوات المناسبة لصناعة البيئة المناسبة لهذه الفواكه، وعلينا الحذر فعادة الأرض الصالحة لزراعة فاكهة لتحسين المزاج تكون مرتعًا مريحًا للثعالب إذا نامت نواطير البساتين عن ثعالبها.. وهذا مكمن الخطر، فالثعالب الجائعة لا تنفك عن ذكائها بذريعة أن الجوع يغلق منافذ التفكير، بل على العكس الجوع يوسّع لها منافذ التفكير، لهذا تستغل ظروف النواطير الغافلة أو المتقعّسة عن عملها وحتى المتعمدة للانفلات لتنتشل من الفاكهة ما لذا وطاب من ثمار يانعة وغير يانعة.
والثعالب معاذ الله ليسوا إخوة للشياطين وهم عن الإسراف والبذخ بعيدين! لذلك تأكل الثعالب الثمار اليانعة وتملأ بها بطنها وتخزن لأيامها العجاف ماتيسر حفظه، وتوزع الفائض على وادي الثعالب المجاور وفي هذا فائدة لأيامها الغاربة بمجدها، وأعذارها البائسة بقلة حيلتها.
أما الثمار غير اليانعة ففائدتها لها أكبر بكثير، وطريقة استغلالها ينم عن مكر ودهاء واستعداد لالتقاط الفرص، فبها تحاول الضغط لغرض السيطرة وإثبات قيمة الذات فتمارس بالفاكهة مباراة كرة القدم _إمعانًا في ذل النواطير_ فيجتمع على مشاهدتها أحباب هذه الرياضة، وصعاليك الطرقات من المتسولين في طلب الشماتة، والمجتهدين في جمع حطبها.
ونحن الساعون لتحسين المزاج متضررون من تقاعس النواطير، وعبث الثعالب ودهائهم في تحديث طرق السرقة واستغلال الفرص، وبدلًا من أن نحسّن مزاجنا بفاكهة طيبة المذاق خفيفة على المعدة، تعكّر مزاجنا، ونالنا شيء من شظايا الحمق بين هؤلاء وهؤلاء، وموسم كامل ضاع علينا جنيه، وما بقي إلا القليل فمن تناول منها وأوجعته فليتأملها ففيها لبقية العمر عبر ودروس، ومن تناولها وحسّنت له مزاجه فليكتمها لئلا يقال عنه متواطئ مع أحد الفريقين، فالتهم المتطايرة بلا أجنحة ولها خاصية الالتصاق إلى ما بعد الوفاة.