تشترك الذوات الإبداعية المؤنثة في أحاسيس الخشية من الآخر المتلقي ، وفي تحرزها من كل مايمكن أن يؤدي بها إلى صدمة نفسية تتأخر بها بداياتها المتهيئة للانغماس في موهبتها الذاتية والإنسانية الشخصية .
إنها مفاوضات مترقبة للتشجيع وكارهة لماعدا ذلك من النقد والتأثير اللبي لمدى النقد المخيب للبداية المترددة غير الواثقة بمايكفي باقتدارها . ولقد أحس بهذه الهواجس مبدعات خبيرات بالكتابة وفي موضوعات حساسة جريئة جدا مثل أناييس نن التي تبوح في يومياتها وتقول: (لقد كبرنا ونشأنا على فكرة أننا إذا كنا أنفسنا حقا، فإننا سنكون مرفوضين. كذلك شأن المبدع بخاصة في ميدان الأدب – نحن نعبر عن نفسنا الحقيقية، ولكننا نخشى أن لا يتقبلنا الآخرون بسبب الذات الحقيقية، ويبدو علينا الجبن والخجل، نستطيع التغلب على الجبن مع أولئك الذين يفهموننا ويتقبلوننا. والآن عندما أواجه العالم بنفسي وحقيقتي التي عبرت عنها في نصوصي، تحدث الأزمات وتثار الأسئلة: هل أكون محبوبة؟ هل سيرضون عني ؟ أم أنني سأعاقب وأنبذ ؟).
وذلك القول لنن؛ يدعوني إلى السؤال: هل تقف الذات الإبداعية الذكورية من النقد الموقف ذاته من المتلقي وتتأثر برأيه إذا لم يكن رأيا محفزا مثلا ؟.
وهناك عامل مشترك في الموقف من المتلقي بين ذاتين من نوع مختلف يتعلق بحسها الإنساني وقوة إرادتها وصلابة جدارها المعنوي إزاء ماتتلقاه من آراء متناقضة متنافرة تجاه الكتابة وأسرارها.
لاشك في أن الأسئلة التي يمكن أن يتوقعها المبدع من المتلقي ستختلف بين مرحلة إبداعية وأخرى بحسب خبرة المبدع وتمرنه على الإفادة بملاحظات الآخرين وكذلك مرونته على تقبل موقف المتلقي كيفما كان ،معبرا أو صامتا.
ومع هذه الوسائل والسبل الافتراضية المحتشدة أضحى الكاتب أداة خاضعة للنقد والتناول بكثير من الأساليب التي قد يكون أبرزها الحس الساخر مايجعلني أؤكد على ضرورة أن تكون لدى الكاتب ذات أخرى متلقية ، ذات خفية إلا عليه ، تدعمه لاوعيه بالمشورة والوعي قبل أن تتلقى إبداعه أعين لاتستطيع أن تتسامح مع التغيير والتطوير ولاتستجيب مع الخبرة المتنامية بمرور الوقت.
- هدى الدغفق