علي الخزيم
هنا مادتان يمكن الاستشهاد بهما كأمثلة لموضوع هام وحساس جداً، والداخلون بالإسلام حديثاً يمكن النظر إليهم على أنهم بين فئات ثلاث (مُخلصة، وصادقة متكسبة، وعصابات كاذبة)، فالمادة الأولى هي (مقطع فيديو) يؤكد ناشره أن عصابة مُحْترفة تمتهن ادعاء الدخول بالإسلام لمآرب دنيوية غير شريفة أقلها الحصول على المال بسهولة من المتبرعين كتشجيع لهم، ذلك أن العصابة في كل عملية تُعَيّن أفراداً محددين للقيام بالأدوار التمثيلية كدور المسلم الجديد، ومعه شخص أو أكثر ممن تعلّموا واتقنوا الأدوار بعمليات سابقة مهمتهم التعزيز والتأكيد بأن هذا المسلم التَّقِي قد فَرّ من بلاده مشياً على الأقدام هرباً من أهله وجماعته التي تمنعه من الشهادتين، وهو يتقدم الآن بطوعه لإمام الجامع لنطق كلمة التوحيد وأنه يأمل تعليمه الإسلام الصحيح، فيبدأ التكبير بأنحاء الجامع من المصلين الفرحين حقاً بإسلام الرجل، ثم تبدأ التبرعات لإصلاح شأنه كونه معدماً جاء حافياً فقيراً، (لكن كيف اجتاز الحدود)؟! يقول صاحب المقطع: إنهم لا يلبثون سوى أيام حتى يُقَدّموه بجامع آخر، ومن ثم ينتقل إلى مدينة أخرى وهكذا، بعملية نصب وابتزاز يجب ان يُلْتَفت اليها بحزم، مع أنظمة وقواعد صارمة للداخلين الجدد بالإسلام، بعيداً عن العاطفة المُغَلّفة بالسذاجة، فقد تعبنا من عبث العصابات.
المادة الثانية هي خبر نشرته (الجزيرة) يشير إلى عمل مُنظم بخطوات محسوبة ومدروسة بقدر إمكانات القائمين عليها، يقول الخبر: (أكدت مديرة الإدارة النسائية بالمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بشمال الرياض مُنى الخالدي بكلمتها بالملتقى الدعوي الأول - روافد - المنعقد بمركز نورين النسائي بحي الوادي، على رسالة المكتب المتمثلة بالتعريف بالإسلام والدعوة إليه، وتقرير العقيدة الصحيحة بنفوس المسلمين وتعليمهم العلم النافع بمختلف اللغات التي تسعى الإدارة النسائية لتحقيقها من خلال مسارين رئيسين هما: بشرى و ثبات، ومسار ثالث رافد لهما، وبَشّرت بأن عدد الداخلات بالإسلام خلال العام الماضي بلغ 1099 امرأة من جنسيات مختلفة).
فالمفردات تتضمن وتشير إلى مكتب دعوي له فروع بأقسام رجالية ونسائية يعمل بمحاور ومسارات متعاضدة، ويبدو ان جل القائمين على العمل من المؤهلين له، هنا تشعر النفس بنوع من الطمأنينة لنوعية الداخلين لا سيما أن من المُسْتَهدفِين أطباء وممرضين وفنيين من الجنسين يعملون بالمملكة، فحين يعلن طبيب أو طبيبة الدخول بالإسلام فإننا ندرك مساحة فكره ومدى ثقافته ومخزونه المعرفي ما يؤهله بإذن الله إلى اعتناق الإسلام بنهج أقرب إلى الصحة والعمق والشمولية، بقناعات راسخة وإيمان بعيد عن شبهة المصلحة من وراء هذا الإجراء.
قد يكون بين العاملين البسطاء من دخل بالإسلام حباً بالمبادئ السمحة وما يجده من التراحم والتكاتف، وإن لم يكن بالعمق المطلوب، فلا بأس بذلك وأن راودته مشاعره بشيء من الفوائد يجنيها بعد إعلان إسلامه، ولعله يندرج بين المؤلفة قلوبهم طالما أن النوايا حسنة والإسلام بنية إيمانية حقيقية.
أدعو - وغيري كثير - للإحاطة بالأدعياء وعصابات الابتزاز، فالإسلام والأوطان فوق العواطف الرخيصة.