سمر المقرن
ما زلت أستغرب وجود - بعضهم- ممن ينكر وجود العنف ضد المرأة، ويعتبر بعض أشكال ممارسة العنف هو تكريماً للمرأة. أستغرب حقيقةً من انتشار مثل هذه الثقافة التي في محتواها لا تتعدى أكثر من حالة (إنكار) لواقع مشهود وملموس. وأكرر - كما قلت في عشرات المقالات السابقة - أن العنف ضد المرأة ليس بالضرورة أن يكون من خلال الاعتداء باليد، بل إن هناك أشكالاً أخرى للعنف مؤلمة ولا تقل في وجعها عن الاعتداء الجسدي، بل إنها قد تكون أطول مدة في الإيذاء كونها ممارسات مستمرة كالعنف القانوني الذي يجيّر بعض الأنظمة والقوانين ضد المرأة ويقلِّل منها، وهو يدخل في إطار العنف النفسي الذي قد تعانيه المرأة طوال حياتها بسبب عدم قدرتها على تخطي - بعض- القوانين التي وضعت ضدها!
مع هذا كلّه، ما زلت أرى الجزء المملوء من الكأس، وأنظر إلى التقدّم على الصعيد المحلي للمرأة السعودية بأنه جيّد، في وقت تتراجع فيه حقوق المرأة في أجزاء أخرى من العالم العربي بسبب الحروب والصراعات السياسية.
دائماً أكرر أننا بحاجة إلى التفاعل مع المناسبات العالمية، حيث كان بالأمس 25 نوفمبر يوماً مهماً هو: (اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة).. بشكل عام لو قسنا الوعي الإعلامي لهذه المناسبات لوجدناه قد تقدّم كثيراً مقارنة بالسنوات الفائتة، لكن ما زال هناك حاجة إلى تفاعل مؤسساتي مع مثل هذه المناسبات، فمثلاً يوم كهذا من المهم أن يكون يوماً مفتوحاً في مدارس وكليات البنات للتوعية بحقوقهن، ويكون هناك مناسبة في منتصف اليوم في مدارس وكليات البنين لتوعية الشباب بحقوق المرأة، وذلك لنكسر ذلك الجليد المتراكم على نفوس الأجيال تجاه النظرة الدونية لمن يطالب بحقوق المرأة، ولا ألقي كل اللوم عليهم أو على من لقّنهم، فهناك من أساء لحقوق المرأة واستخدم هذا الحق جسراً للعبور إلى ما هو خارج الأطر الأخلاقية، مع ذلك لا بد أن تظهر هذه الأنشطة لتجعل النشء يدرك بواقعية ما بين الحق والباطل، ويُميز بين أصحاب الكلمة التي يراد بها حق والكلمة التي يراد بها باطل.
أطمح أن أرى أنشطة سنوية بالتزامن مع الأيام العالمية لكثير من الأفكار الإيجابية الجميلة، وأتمنى أن تحدث مثل هذه المبادرات على مستوى المملكة بكل مؤسساتها، وأن نخلق لنا شعاراً نحمله كل عام لإيضاح هذه المناسبات ولطمس الفكرة المغلوطة التي عزَّزت في أذهان - بعضهم- أن هذه المناسبات ليست منّا، بل هي منّا لأننا جزء من المجتمع الدولي!