ثامر بن فهد السعيد
منذ انطلاقة العمل في برنامج التحول 2020 ورؤية المملكة 2030 مرت البلاد بكثير من المتغيرات السريعة وفق قرارات تهدف لتحقيق المرسوم والمخطط للبرنامج والرؤية. وإن كنا في طريق التحول الوطني بدأ المجتمع يلمس المتغيرات والقرارات المتسارعة في ظل غياب الدور الإرشادي والإعلامي لوزارة الاقتصاد والتخطيط وكأنما هذه المتغيرات المحدثة على هيكل الاقتصاد لا تمس إلا القطاعات الحكومية وحدها دون المواطنين في المملكة، والأصل أن هذه البرامج تلامس الجميع بغية الانتقال من هيكل اقتصادي يعتمد على النفط وحده إلى هيكل اقتصادي يراد منه بناء اقتصاد وطني متنوع. فلكل قرار أثر على سلوك الأفراد والمقيمين أو على دورة الاقتصاد وما لم يكن هناك إيضاح لأثر هذه القرارات على الأفراد وزمن الأثر المتوقع ستسمر الضبابية وحالة عدم اليقين لدى المواطنين السعوديين وهم في الحقيقة إحدى الأدوات المهمة التي ستلعب دورًا في تطبيق التوجه إلى التحول وتحقيق أهداف الرؤية.
على سبيل المثال لا حصر عندما صدر في بداية العام المالي الحالي وبالتزامن مع صدور ميزانية المملكة العربية السعودية قرار بخفض نسبة الدعم وبالتالي ارتفاع أسعار بعض الخدمات والطاقة المقدمة سواء للأفراد أو الشركات أربك هذا الحدث السوق المالية السعودية وهو أداة جيدة لقياس رد فعل الشارع تجاه تغير معين في الاقتصاد، هذا التغير الهيكلي في تكاليف الإنتاج نتج تراجع مباشر في السوق المالية تجاوزت نسبته 24 في المائة في ظل غياب أمرين الأول الدور الإرشادي لوزارة الاقتصاد تجاه الأثر والثاني عدم دقة الشركات في تقدير الأثر وهذا في تقدير ما تسبب في تراجع السوق المالية إلى مستويات لم تكن لتصلها لو كان لدى المتلقي علم بالأثر مدته ومداه وهو ما حصل متأخرًا بعد أن استمرت أرباح الشركات في التحسن للفصول المالية الثالثة من عام 2016 الذي شهد معه السوق موجة تعافٍ طويلة أعادت السوق إلى مستوياته الاعتيادية.
كذلك فإن المواطنين من موظفي القطاع العام تحديدًا تعرضوا لتغير مفاجئ في دخولهم الشهرية جراء مراجعة البدلات المقدمة لموظفي الدولة وكذلك تجميد العلاوة للعام الحالي، هذ التغير المباشر في دخل الأفراد غاب عنه إيضاح الأسباب أيضًا خصوصًا أن التوصية جاءت من وزارة الخدمة المدنية وهذا بدوره أحدث إرباكًا امتد أثره إلى الدورة الاقتصادية وما تأثر أسواق التجزئة والقطاعات الخدمية إلى انعكاس لها والأرقام المتراجعة في السحوبات النقدية ونقاط البيع كذلك مبيعات هذه القطاعات أدلة واضحة لهذا الأُثر.
بالرغم من أن الرؤية وبرنامج التحول الوطني هما خطط استراتيجية للدولة لبناء اقتصاد متنوع لا ارتباط مباشر لها بحال السوق النفطية، إلا أن بعض الآراء سواء في الصحافة أو في الإعلام الجديد أصبحت تعامل الثروة الوطنية النفط على أساس مصدر لتعطيل التنمية والتنوع ولا أعرف حقيقة من مرر لنا بأننا مصابون بالمرض الهولندي، لكن ما أعرفه ومتأكَّد منه أن تطوير الصناعة النفطية مصدر صلب اختصاصنا ما زال في أيدينا فالمواد والمشتقات التي يحتويها برميل نفط واحد إذا طوعت واستقطبنا معامل التكرير اللازمة سنسهم في تنشيط صناعات تحويلية مشتقه أساسًا من ثروتنا الوطنية.
أخيرًا والمملكة اليوم عبارة عن ورشة عمل كبيرة في طريقها نحو تحقيق أهدافها الطموحة حدوث المناقشات والسجالات حول برامج البلاد الطموحة ويسهم في طرح آراء واقتراحات تخدم المصلحة العامة للبلاد فهذه ظاهرة صحية بامتياز وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها.