د. عبدالرحمن الشلاش
أكتب عن أسعار المطاعم والمقاهي رغم أني لست من زبائنهم الدائمين. عادة لا أقصد تلك الأماكن إلا في حالات الضرورة القصوى. لدي قناعة راسخة أن أكل البيت ليس له نظير ولا مثيل لا من حيث النظافة ولا من حيث المذاق، والتميُّز الأكبر لأطعمة ومشروبات البيت في الثقة المطلقة بها دون أي شكوك في نظافتها أو جودة محتوياتها.
عندما تجبرك الظروف في مدينة الرياض فتذهب للبحث عن مطعم أو مقهى ستجد نفسك أمام خيارين أحلاهما مر، فإن اخترت الذهاب للمطاعم أو المقاهي الأرخص ستصدم بمستوى النظافة القابع في أدنى مستوياته، ومذاق الأكل الذي لا يضعه في فمه إلا من سكن الجوع بطنه ولم يجد أمامه أي مخرج، لذلك أشفق كثيراً على من تضطرهم الظروف للتردد على أشباه مطاعم ومقاهٍ ضرب البؤس فيها أطنابه بدءاً من عمالها بملابسهم المتسخة والروائح الكريهة المنبعثة في كل أرجائها، وتواضع الخدمات التي تقدمها عمالة متثائبة تسير بخطوات متثاقلة. برغم كل هذا السوء تجد أسعارها مرتفعة مقارنة بالانخفاض الملحوظ لكثير من السلع الغذائية واللحوم والخضار، وأزيدكم من الشعر معلومة ربما يعرفها كثيرون وهي أن تلك المطاعم تعتمد على اللحوم والخضار المجمدة والرخيصة وتبيعها على الزبائن بأسعار مضاعفة!
أما إن اخترت الذهاب للمطاعم الفخمة والمقاهي الفاخرة «كوفي شوب» فأعانك الله على نار الأسعار! صحيح أنك ستجلس على مقاعد جيدة وسيقدم لك أكلاً مقبولاً من حيث الشكل لأنك لا تدري عن مضمونه المعد خلف الكواليس لكن الأسعار مبالغ فيها لدرجة كبيرة. هل تصدق أن مطعماً من هذه العينة يبيع علبة المشروبات الغازية بعشرة ريالات، وطبق السلطة الذي لا تكلف محتوياته المكونة من قطع صغيرة من الدجاج لا يزيد وزنها على 50 جراماً وقليل من قطع الخس والطماطم والمايونيز يصل سعر هذا الطبق لخمسين ريالاً ولا تسأل عن بقية الأطباق الرئيسية والتي تصل أسعارها إلى أكثر من مئة ريال. عندما تطلب الفاتورة لك ولعائلتك تصدم بالسعر الذي قد يتجاوز الألف ريال تدفعها لقاء جلسة واحدة وأنت ساكت ومؤدب لأن البرستيج في مثل هذه المطاعم يقتضي الصمت والهدوء التام خشية الفشيلة!
تحس أن هذه المطاعم في الرياض سواء الراقية أو الرديئة تغرد خارج السرب وتقع خارج دائرة التفتيش والمتابعة من قبل الأمانة، وأنها لم تجد بعد المحاسبة على أسعارها المرتفعة مقابل انخفاض الأسعار الملحوظ! ولا على مستوى نظافة معظمها المتدني، ولا أقول إلا أعان الله الزبائن المضطرين.