سعد بن عبدالقادر القويعي
يبدو أن مشاركة قاسم سليماني - قائد فيلق القدس الإيراني - في معركة الموصل أصبح أمراً علنياً، بعد أن أكد - نائب رئيس هيئة ميليشيات الحشد الشعبي - أبو مهدي المهندس، أن «قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني يقود تقدم الميليشيات في المحور الغربي لمدينة الموصل، بعد طلب رسمي من الحكومة العراقية»؛ لتدق ساعة الحدباء - كما هو مصطلح عليه -، في خلفية مشاركة ما يوحي بالغموض على المشهد ظاهرياً، والذي سيكون من أبرزها: تعميق الصراع - السني الشيعي - في الموصل، - خصوصاً - وأن معارك تكريت، وصلاح الدين، وديالى شاهدة على ذلك.
ترى إيران، وحلفاؤها بالمنطقة أن معركة الموصل مصيرية، وستؤثر على المعارك في حلب، وبعض مناطق سوريا. ولا غرابة - حينئذ - أن تُفصّل الخطة، وتحاك خيوطها في طهران؛ باعتبار أن تغيير التركيبة السكانية للموصل، سيؤدي إلى تسهيل مهمة النظام الإيراني في توطين ميليشياتها الشيعية في بلدة «تلعفر»، وكل سكانها من التركمان؛ ولتشكل علامة فارقة في مسار الأزمة العراقية - تحديداً -، والأزمة الإقليمية - عموماً -.
ستزيد قيادة سليماني لهذه المعركة من الشرخ الطائفي الذي يعاني منه العراق، -لا سيما- وأن الطريقة الإجرامية التي أدار بها معارك الفلوجة، رسخت من صورة الشبح الإرهابي الإيراني البشع. - وفي المقابل - ستشكل تلك المشاركة التأكيد الدامغ على تهاوي نظام الحكم القائم على المحاصصة الطائفية، والأثنية - منذ عام 2003 م -، والتي استحال بعدها رتق الشروخ في وحدة العراق، بل سعت إلى إضعاف العراق، ومعه سوريا في الوقت - ذاته -.
في ذاكرة العراقيين تجارب مريرة بعد تحرير الميليشيات الشيعية الإرهابية من داعش، إما قتلاً، واغتصاباً، وتهجيراً، وإما إحراقاً لمنازل بعد نهبها؛ كونها مثلت لوناً طائفياً واحداً تتبع أحزاباً موالية لإيران، وهو ما جعلها ميليشيات عقدية، وسياسية بامتياز، وبما ينسجم مع الأهداف الإيرانية القذرة. فتلك الميليشيات لها نهج تدميري للمناطق السنية، وهو ما أكدته منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان، أن لديها سجلات انتهاكات خطيرة عن مشاركة الحشد في الحملة العسكرية لاستعادة الموصل.
على أي حال، إذا كان مصير حلب سيقرر مستقبل سوريا، فإن مصير الموصل سيقرر - أيضاً - مستقبل العراق، - وعليه - فإن بقاء تنظيم داعش الإرهابي كفيل بجعل التدخلات الإيرانية في العراق مطلوبة؛ من أجل أن تبقى إيران مركزا للتشيّع في المنطقة، وزيادة العمل على ترسيخ الهويات المذهبية، والطائفية أولا؛ من أجل تفتيت الدولة العراقية من داخلها، وتقسيمها إلى ثلاث فيدراليات توشك على الانفصال؛ حتى وإن بقي العراق شكليا موحدا. وبالمحصلة النهائية، فإن المعركة العسكرية ستثير مشكلات سياسية، وقومية، ودينية، وعرقية تجعل من معركة الموصل صعبة النتائج، والتوقعات.