هدى بنت فهد المعجل
يرى سيغموند فرويد أن «الإنسان كائن عنيف وعدواني بطبعه، على اعتبار أنه يتوفر على أهواء وغرائز فطرية تحتم عليه القيام بسلوكات ذات نزعة تدميرية قصد إشباع تلك الغرائز، ورغم أن الإنسان عقل فإنه لا يقوى على كبح جماع تلك النزعة التدميرية، الأمر الذي يستوجب استخدام كل الوسائل للتخفيف أو الحد من خطورة التهديد الذي يتوعد المجتمع والحضارة الإنسانية».
حيث يعتبر العنف تعسفًا في استعمال القوة، فهو يحيل إلى الفعل أو التصرف «ضد القانون» أو «الإخلال بالاحترام الواجب للشخص» وقد حدد الإغريق «فيما مضى» العنف باعتباره إفراطًا في القوة، فالعنف تدنيس للطبيعة وخرق للقوانين المقدسة.
الشاهد: ما نراه من تعنيف الأطفال والفتيات تعنيفاً قد ينتهي بالتشويه أو إحداث عاهة وربما بالقتل أو الانتحار.
في أواخر 2014 قرأنا عن تطبيق المحاكم لنظام العنف الأسري، وفي ذلك العام عندما قرأنا عن هذا النظام، عرفنا أن محاكم المملكة تلقت خلال عام 1434هـ، 454 قضية عنف ضد المرأة، واحتلت منطقة مكة المكرمة الصدارة، بمعدل 314 قضية، تلتها الشرقية والرياض بـ41، ثم الحدود الشمالية 22، وتبوك 15، والمدينة المنورة 8، وجازان 5، والقصيم 3، والباحة قضية واحدة. فيما لم تسجل محاكم نجران والجوف أية قضية عنف ضد المرأة.
وبلغ عدد قضايا العنف ضد المرأة المسجلة ضد السعوديين 234 قضية، في مقابل 220 مسجلة على غير السعوديين. علماً بأن هذا العدد يمثل القضايا التي تلقتها المحاكم، حيث هناك من لا يملك الكشف أو لا تملك الكشف عن العنف الممارس في حقها والساقط عليها؛ لأنها قد تواجه عنفاً أشد في حال توجهت للمحاكم أو للجهات المخولة بمتابعة العنف ضد الإنسان من هيئة حقوق الإنسان أو غيرها. رؤيتي التي أقترحها وجود أخصائية أو عدة أخصائيات أسرية في كل مركز من مراكز الأحياء في مدن ومناطق ومحافظات وهجر المملكة، تقوم الأخصائية بشكل دوري بزيارة الأسر التابعة للحي التي تنتمي له، زيارة أسرية، زيارة ودية تستطيع من خلالها الاقتراب من النساء والأطفال والشابات في البيوتات، بالتالي تتمكن من ملاحظة أي هضم للحقوق بين جدران منزل هذه الأسر، أو أي عنف ساقط على أحد منهم أو منهن. تقترب من الأسر ليس كأخصائية بل كصديقة للعائلة. لماذا؟ لأنه كما قلت بعض العنف الأسري المسكوت عنه خوفاً، أكثر من المعلن عنه.
ما معنى أن تواجه المعنفة عنفا أسريا دون أن يتصرف أحد ضد من تولى تعنيفها!!؟ أين كان من يهمه أمر المعنفة خلال فترة تعنيفها، خصوصا إذا طالت الفترة وامتدت سنوات وسنوات!!؟ ألا يمكن رؤية آثار العنف على جسدها أو على نفسيتها؟! أسئلة عدة عائمة لا إجابة لها، وفي ظل عدم وجود جواب لها تبقى قضايا العنف، ويستمر العنف يمارس ضد الإنسان خلف أسوار المنازل، ولا يدرك من بالخارج أي شيء عنه، ولن يعرف حتى لو اقترب من بيوتات الأسر المعنفة، هل لأن الإنسان معني بنفسه دون غيره!!؟؟ إذاً ما مبرر ارتفاع نسبة العنف الأسري بيننا، حيث يكفي من لا يصدق بارتفاع نسبته أن يمر على هيئة حقوق الإنسان، أو على لجان حماية الأسرة في الشؤون الاجتماعية كي يدرك تلك الحقائق المؤلمة حقيقة زيادة معدل العنف الأسري وتناميه.